الجزء الأول (سليمان وبلقيس)
الجزء الثاني ...>>>
النبي الملك سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ...
سليمان عليه السلام وهدية بلقيس
وصول هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان عليه !!!
وردت الأخبار لسيدنا سليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون هدية..
وأدرك سليمان على الفور أن الملكة بلقيس قد بعثت مفرزة استطلاع
فقد أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه..
ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش..
ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح..
فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم وكل قوتهم وجبروتهم
لا يعدو وسط بهاء وقوة وسلطان مملكة سليمان شيء يذكر !!!.
فصغرت هديتهم في أعينهم وهان امر مملكتهم على انفسهم !!!.
لقد فوجئوا بأن في الجيش أسوداَ ونموراً وطيوراً..
وان هناك جان وعفاريت ومجان ومعدات لم يرووا مثيلاً لها !!!
بهروا بالنظام والإنضباط والجاهزية والإستعداد العالي ..
وأدركوا أنهم أمام جيش لا يصد ولا يرد وانه لا يقاوم ولا يهزم ..
رأي سليمان بالهدية !!!
فقدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياءٍ شديد...
وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك ، لكننا لا نريد القتال،
وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها.
نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره. قال تعالى على لسان سليمان :
( فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم
بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)... النمل :36...
كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم،
وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال.
يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر..وطلبه الأول والأخير:
كما قال تعالى :( أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ...النمل:31...
ثم هددهم:كما قال تعالى :
( ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ)... النمل :37...
عودة الوفد بخيبة الأمل !!!
وصل رسل بلقيس إلى سبأ على عجل وهم يجرون أذيال الخيبة والخسران..
وهرعوا إلى الملكة وحدثوها عن ما جرى معهم وما رأووا عند سليمان
وقد قدروا من خلال ذلك أن بلادهم في خطر عظيم وخطب جلل
إلا إذا قبلوا شروط سليمان ونزلوا عند رغباته مهما كانت قاسية ..
واسهب الوفد بالحديث عن قوة سليمان وجيشه واستحالة هزيمته وصده..
وإشاروا عليها أنها ينبغي أن تزوره بنفسها وتترضاه وتهادنه..
وفعلاً نزلت الملكة عند مشورتهم وتجهزت وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..
سليمان ينتظر قدوم بلقيس ويحضر المفاجأة !!!
جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه..
وكأنه يفكر في بلقيس !!. فهو يعرف أنها في الطريق إليه..
تسوقها الرهبة لا الرغبة . ويدفعها الخوف لا الاقتناع..
ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها بقوته ومدد الله له ولسلطانه ،
فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام طائعة راغبة قانعة .
فقال لجلسائه كما قال تعالى على لسانه :
( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)..النمل :38..
فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها..
وكان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة،
وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك..
وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..
هنا: كما قال تعالى: ( قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ
قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) ..النمل :39..
فهذا الجني يستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي مجلس سيدنا سليمان
- وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر-
وأردف الجني أنه قادر على حمله وأمين على جواهره.
ولكن سليمان استكثر الوقت الكبير الذي يريده هذا الجني واراد اسرع من ذلك !!
هنا قال احد الحضور من خاصة الخواص والموصولين بالله .قال تعالى على لسانه:
( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ )..النمل:40..
لقد احضر هذا الشخص الذي سماه الله في القرآن الكريم بـ "الذي عنده علم الكتاب" العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة !!!
(أي بسرعة الضوء التي تقدر بـ300ألف كيلو متر في الثانية ) فسبحان العظيم!!!
من هو هذا الذي عنده علم الكتاب ؟؟
لقد اختلف العلماء كثيراً وإلى يومنا هذا في تحديد من هو "الذي عنده علم الكتاب"
- فمنهم من قال أنه وزيره او أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم
الذي إذا دعي به أجاب.
- ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام الروح القدس رسول الله للرسل والأنبياء.
ولكن في الحقيقة أن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة من عنده علم الكتاب
غارقين في غموض كثيف مقصود !!!
فنحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان..
والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب ...
أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يعلمه إلا الله..
وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة،
وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.
عرش بلقيس امام سليمان عليه السلام..
هذا هو العرش ماثل أمام سليمان..
تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم يستخفه الفرح بقدرته،
ولم يزهو به الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك الملك..
وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة،ليرى أيشكر أم يكفر.
تأمل سليمان عرش الملكة طويلاً ثم أمر بتغييره،
أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي،
ويرى هل تهتدي ( تتعرف ) إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون.
فقال تعالى على لسان سليمان :
( قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ)..النمل :41..
نتابع الجزء الثالث والأخير من هنا ...>>>(سليمان وبلقيس)...
تعليقات
إرسال تعليق