صفات لا تنبغي إلا لله !!!
الكبرياء ...
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
قال الله عز وجل:
( الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري،
فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) ،
وروي بألفاظ مختلفة منها (عذبته) و(وقصمته) ،
و(ألقيته في جهنم) ، و(أدخلته جهنم) ، و(ألقيته في النار)
الحديث أصله في صحيح مسلم وأخرجه الإمام أحمد وأبو داود
وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وغيرهم وصححه الألباني .
النهي عن الكبر والاستعلاء على الخلق
أن العظمة والكبرياء صفتان لله سبحانه وتعالى ،
اختص بهما ، لا يجوز أن يشاركه فيهما أحد،
ولا ينبغي لمخلوق أن يتصف بشيء منهما،
وضُرِب الرِّداءُ والإزارُ مثالاً على ذلك، فكما أن الرداء والإزار يلصقان بالإنسان ويلازمانه، ولا يقبل أن يشاركه أحد في ردائه وإزاره، فكذلك الخالق جل وعلا جعل هاتين الصفتين ملازمتين له ومن خصائص ربوبيته وألوهيته، فلا يقبل أن يشاركه فيهما أحد.
وإذا كان كذلك فإن كل من تعاظم وتكبر، ودعا الناس إلى تعظيمه وإطرائه والخضوع له، وتعليق القلب به محبة وخوفا ورجاء،
فقد نازع الله في ربوبيته وألوهيته،
وهو جدير بأن يهينه الله غاية الهوان، ويذله غاية الذل،
ويجعله تحت أقدام خلقه،
قال رسول الله ﷺ : ( يحشر المتكبرون يوم القيامة
أمثال الذرّ في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان ،
فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال)
رواه الترمذي وحسنه الألباني .
وإذا كان المصَوِّر الذي يصنع الصورة بيده من أشد الناس عذاباً
يوم القيامة، لتشبهه بالخالق جل وعلا في مجرَّد الصنعة،
فما الظن بالتشبه به في خصائص الربوبية والألوهية،
وقل مثل ذلك فيمن تشبه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا له وحده، كمن تسمى بـ ملك الملوك و حاكم الحكام ونحو ذلك،
وقد ثبت في الصحيح عنه ﷺ أنه قال :
(أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بملك الأملاك) ،
فهذا مقت الله وغضبه على من تشبه به فى الاسم
الذى لا ينبغي إلا له سبحانه
فكيف بمن نازعه صفات ربوبيته وألوهيته.؟؟؟
الكبر ينافي حقيقة العبودية
وأول ذنب عُصي الله به هو الكبر،
وهو ذنب إبليس حين أبى واستكبر وامتنع عن امتثال
أمر الله له بالسجود لآدم،
قال سفيان بن عيينه رحمه الله :
من كانت معصيته في شهوة فأرجُ له التوبة،
فإن آدم عليه السلام عصى مشتهياً فغُفر له،
ومن كانت معصيته من كِبْر فاخشَ عليه اللعنة،
فإن إبليس عصى مستكبراً فلُعِن ،
فالكبر إذاً ينافى حقيقة العبودية والاستسلام لرب العالمين،
وذلك لأن حقيقة دين الإسلام الذى أرسل الله به رسله
وأنزل به كتبه هي أن يستسلم العبد لله وينقاد لأمره،
فالمستسلم له ولغيره مشرك، والممتنع عن الاستسلام له مستكبر، قال سبحانه وتعالى :
( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) (الأعراف: 146)،
وقال سبحانه وتعالى :
( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )
(غافر: 60)،
وثبت في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال :
( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر) .
والكبر هو خلق باطن تظهر آثاره على الجوارح،
يوجب رؤية النفس والاستعلاء على الغير،
وهو بذلك يفارق العجب في أن العجب يتعلق بنفس المعجب
ولا يتعلق بغيره، وأما الكبر فمحله الآخرون،
بأن يرى الإنسان نفسه بعين الاستعظام فيدعوه ذلك إلى احتقار الآخرين وازدرائهم والتعالي عليهم،
وشر أنواعه ما منع من الاستفادة من العلم
وقبول الحق والانقياد له، فقد تتيسر معرفة الحق للمتكبر
ولكنه لا تطاوعه نفسه على الانقياد له...
كما قال سبحانه وتعالى عن فرعون وقومه :
( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) (النمل: 14)، ولهذا فسر النبي ﷺ الكبر بأنه بطر الحق:
أي رده وجحده، وغمط الناس أي: احتقارهم وازدراؤهم.
من تواضع لله رفعه
والصفة التي ينبغي أن يكون عليها المسلم هي التواضع،
تواضعٌ في غير ذلة، ولينٌ في غير ضعفٍ ولا هوان،
وقد وصف الله عباده بأنهم يمشون على الأرض هوناً
في سكينة ووقار غير أشرين ولا متكبرين،
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله ﷺ قال :
( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد
ولا يبغي أحدٌ على أحد ) .
أسوته في ذلك أشرف الخلق وأكرمهم على الله نبينا محمد ﷺ
الذي كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم،
وكانت الأَمَةُ تأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت،
وكان إذا أكل لعق أصابعه الثلاث،
وكان يكون في بيته في خدمة أهله،
ولم يكن ينتقم لنفسه قط،
وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب الشاة لأهله،
ويعلف البعير، ويأكل مع الخادم، ويجالس المساكين،
ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما، ويبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء،
وكان كريم الطبع، جميل المعاشرة، طلق الوجه،
متواضعاً في غير ذلة، خافض الجناح للمؤمنين،
لين الجانب لهم، وكان ﷺ يقول :
( ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار،
على كل قريب هين سهل ) رواه الترمذي ،
ويقول ﷺ : ( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت،
ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت) رواه البخاري ،
وكان يعود المريض، ويشهد الجنازة، ويركب الحمار،
ويجيب دعوة العبد،
فهذا هو خلق رسول الله ﷺ ولا عز ولا رفعة
في الدنيا والآخرة إلا في الاقتداء به، واتباع هديه،
ومن أعظم علامات التواضع الخضوع للحق والانقياد له،
وقبوله ممن جاء به.
تعليقات
إرسال تعليق