القائمة الرئيسية

الصفحات


المحبة والخوف والرجاء ..
الخوف من الله ...

الخوف من الله سبحانه وتعالى : أنّه اتِّباع أوامره واجتناب نواهيه.
وهذا التعريف البسيط ينطوي تحته كل ما يختص العلاقة بين العبد وربِّه ومن صفات المؤمن الصادق أنه يخاف، يخاف الله،
وأصل الخوف: أن الله سبحانه وتعالى خلق النفس البشرية

 على طبيعة الخوف، فقال تعالى:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً *

 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾ [سورة المعارج الآية: 19-21]

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ:
 فيما يرويه عن ربه جل وعلا أنه قال :
(وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين،
 إذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة،
 وإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة)
أخرجه ابن حبان في صحيحه والبزار في مسنده

 والبيهقي في شعب الإيمان وابن المبارك في كتاب الزهد
 وأبو نعيم في حلية الأولياء وصححه الحافظ ابن حجر 
في مختصر زوائد البزار والشيخ الألباني في السلسلة.

قال ابن القيم رحمه الله: "كلما كان العبد بالله أعلم، كان له أخوف.
قال ابن مسعود: "كفى بخشية الله علماً"

 ونقصان الخوف من الله إنما هو لنقصان معرفة العبد به،
فأَعرف الناس أخشاهم لله، ومن عرف الله اشتد حياؤه منه وخوفه له وحبه له، وكلما ازداد معرفة ازداد حياءً وخوفاً وحباً"


فضيلة الخوف من الله تعالى ...
أمر الله عباده بالخوف منه، وجعله شرطاً للإيمان به سبحانه

 فقال تعالى : {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } (آل عمران: 175)،
 ومدح أهل الخوف منه في كتابه وأثنى عليهم بقوله تعالى :
 {إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون } إلى أن قال: {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون } (المؤمنون: 57-61) ، وبين سبحانه ما أعده الله للخائفين في الآخرة فقال تعالى :
{ ولمن خاف مقام ربه جنتان } (الرحمن: 46)، 
وهذا الحديث العظيم يبين منزلة الخوف من الله وأهميتها،
 وأنها من أجل المنازل وأنفعها للعبد،
 ومن أعظم أسباب الأمن يوم الفزع الأكبر.




من خاف أدلج !!!؟؟؟
والخوف هو السوط الذي يسوق النفس إلى الله والدار الآخرة، وبدونه تركن النفس إلى الدعة والأمن وترك العمل اتكالاً 

على عفو الله ورحمته، فإن الآمن لا يعمل، ولا يمكن أن يجتهد
 في العمل إلا من أقلقه الخوف وأزعجه، 
ولهذا قال العلم : الخوف سوط الله يقوم به الشاردين عن بابه،
 وما فارق الخوف قلباً إلا خرب ...
وقال آخرون: الناس على الطريق ما لم يزل الخوف عنهم، 
فإذا زال الخوف ضلوا الطريق .


لا بد من الثلاثة معاً حب وخوف ورجاء ...
ينبغي للعبد الذي يبغي رضوان ربه و الفلاح في الدنيا والآخرة أن يجمع في قلبه بين ثلاثة أمورغاية في الأهمية وهي:

 المحبة والخوف والرجاء ...
فإن القلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر،
 فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه،
 فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران ويكاد ان يصل ،
ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان 
فقد أصبح عرضة لكل صائد وكاسر ،
 والاقتصار على واحد من هذه الأمور الثلاثة دون الباقي
 انحراف عن الجادة، وخلل في السلوك،
 فعبادة الله بالخوف وحده يورث اليأس والقنوط وإساءة الظن بالله جل وعلا، وهو مسلك الخوارج، 
وعبادته بالرجاء وحده يوقع في الغرور والأمن من مكر الله، 
وهو مسلك المرجئة، 
وعبادته بالمحبة طريق إلى الزندقة والخروج من التكاليف،
 وهو مسلك غلاة الصوفية الذين يقولون لا نعبد الله طمعاً
 في جنته ولا خوفاً من ناره ولكن حباً في ذاته،
 ولهذا قال اهل العلم القولة المشهورة :
 من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالخوف وحده فهو حروريٌ ـ أي خارجي ـ 
ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ،
 ومن عبده بالخوف والحب والرجاء فهو مؤمن موحِّد .
ولكن اهل العلم استحبوا أن يُغلَّب في حال الصحة جانب الخوف 

على جانب الرجاء، لأن العبد لا يزال في ميدان العمل،
 وهو بحاجة ما يسوقه إلى العمل، 
وأما في حال الضعف والخروج من الدنيا، فإن عليه أن يقوي
 جانب الرجاء، لأن العمل قد أوشك على الانتهاء،
 وحتى يموت وهو يحسن الظن بالله، 
وأما جانب الرجاء وحسن الظن بالله فيجب أن يكون دائماً مصاحباً
لحال المؤمن بالسراء والضراء في حال الصحة وفي حال السقم
فالرجاء بالله والرجاء من الله والرجاء على الله قمة في حال السائرين والمثابرين على الدرب المستقيم ...

حقيقة الخوف من الله ودرجاته...

والخوف ليس المرتجى و المؤمل ، ولكنه وسيلة للوصول الى الله، ولهذا يزول الخوف بعد الفلاح والحصول على الهدف الأسمى وهو رضى الله سبحانه وتعالى وعفوه ومغفرته والفوز بجنته،

 فإن أهل الجنة لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، 

فمنازل الخوف هي :
ومن الخوف ما هو محمود ومنه ما هو مذموم :
 فالخوف المحمود هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل، قال بعض الحكماء: ليس الخائف الذى يبكي ويمسح عينيه بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه ، ومنه قدر واجب ومستحب،
 فالواجب منه ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم،
الخوف المستحب : فمن زاد خوفه بحيث صار باعثاً للنفوس على التشمير في النوافل والإكثار منها والمثابرة فيها، والبعد عن المكروهات، وعدم التوسع في فضول المباحات،
 كان ذلك الخوف مستحباً، 
الخوف المحرم : فما زاد على ذلك حتى أدى إلى اليأس 
والقنوط والمرض، وأقعد عن السعي في اكتساب الفضائل
 كان ذلك هو الخوف المحُرَّم.!!!

من كان بالله أعرف كان منه أخوف ؟؟؟
وعلى قدر العلم والمعرفة بالله يكون الخوف والخشية منه،

 قال سبحانه:{إنما يخشى اللهَ من عبادِه العلماءُ } (فاطر: 28)،  
أن الخوف لعامة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين, والهيبة للمحبين، والإجلال للمقربين.
بين الخوف والخشية والهيبة والإجلال

ولهذا كان نبينا  أعرف الأمة بالله جل وعلا وأخشاها له
وكما جاء في الحديث حين قال ﷺ :
 ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً،
 وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات
 تجأرون إلى الله ) رواه الترمذي .
ولما سألت عائشة رضي الله عنها النبي ﷺ عن قول الله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } (المؤمنون: 60)،
 هل هم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ 
قال ﷺ : ( لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم ) رواه الترمذي ، 
قال الحسن : عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها 
وخافوا أن ترد عليهم ، إن المؤمن جمع إحسانا وخشية، 
والمنافق جمع إساءة وأمنا ...

كيف نخاف الله عز وجل ؟

1- قراءة القرآن وتدبر معانيه:
2- استشعار عظم الذنب وهوله:
3- تقوى الله تعالى، بفعل الطاعات، وترك المنكرات والمحرمات،
4- تعظيم محارم الله:
5- معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته.
6- معرفة فضل الخائفين من الله الوجلين
7- تدبر أحوال الخائفين
8- تدبر آيات العذاب والوعيد
9- أن تعلم قدر نفسك
10- تدبر أحوال الظالمين والعاصين الذين أخذهم الله بذنوبهم
11- تدبر أحوال الناس يوم الفزع الأكبر
12- سماع المواعظ المؤثرة والمحاضرات المرققة للقلب
13- كثرة ذكر الله
14- الخوف من مباغتة العقوبة، وعدم الإمهال والتمكن من التوبة .

قال ابن القيم رحمه الله: "ينشأ -يعني الخوف- من ثلاثة أُمور:
أحدها: معرفته بالجناية وقبحها.
والثاني: تصديق الوعيد، وأن الله رتب على المعصية عقوبتها.
والثالث: أنه لا يعلم لعله يمنع من التوبة، 
ويحال بينه وبينها إذا ارتكب الذنب.
فبهذه الأمور الثلاثة يتم له الخوف من الله بإذنه تعالى ..

البعض من أحوال الخائفين...
ولو تأملت أحوال الصحابة والسلف والصالحين من هذه الأمة لوجدتهم في غاية العمل مع الخوف، 

وقد روي عنهم أحوال عجيبة تدل على مدى خوفهم 
وخشيتهم لله عز وجل مع شدة اجتهادهم وتعبدهم.


- فهذا الصدِّيق رضي الله عنه يقول : 
وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن ، وكان أسيفاً كثير البكاء، وكان يقول: ابكوا فان لم تبكوا فتباكوا ، وكان إذا قام الى الصلاة كأنه عود من خشية الله عز وجل، 

- وكان عمر رضي الله عنه يسقط مغشياً عليه إذا سمع الآية من القرآن، فيعوده الناس أياماً لا يدرون ما به، وما هو إلا الخوف، 

- وكان فى وجهه رضى الله عنه خطان أسودان من البكاء، 

- وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على القبر
 يبكى حتى تبتل لحيته، ويقول: لو أنني بين الجنة والنار 
لا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رماداً 
قبل أن أعلم الى أيتهما أصير ، 

- وقرأ تميم الداري ليلة سورة الجاثية فلما أتى على قول
 الله تعالى : { أم حسب الذين اجترحوا السيئات 
أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات 
سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون } (الجاثـية: 21) 
جعل يرددها ويبكى حتى أصبح، 
والمتتبع لما ورد من أحوال الصالحين في الخوف من الله
 والمحبة لله ولرسوله والرجاء لله يجد الأمر يطول ويطول ...
 ولكن حسبنا ما ذكرنا ففيه الكفاية إن شاء الله،
 نسأل الله أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة..
 إنه البر الكريم الجواد الرحيم ...

تعليقات

التنقل السريع