القائمة الرئيسية

الصفحات


من قصة آدم عليه السلام أبي البشر ...

خلق آدم عليه السلام :

 أخبر الله سبحانه وتعالى الملائكة بأنه سيخلق بشراً
 خليفة له في الأرض... فقال تعالى :
 ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ).
( البقرة:30 ) 
  فقالت الملائكة لربها :
قال تعالى نقلاً عن ملائكته :
 ( قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ
 وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) البقرة :30 
 ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب مؤلمة 
وذكريات مؤسفة سابقة حدثت في الأرض والله اعلم !!!
 أو إلهام وبصيرة حباهم الله بها، تكشف لهم عن شيءٍ 
من فطرة هذا المخلوق ، ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد
 في الأرض ، وأنه سيفسد في الأرض وسيسفك الدماء .
 ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق 
- يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له ، هو وحده الغاية للوجود .
 وهو متحقق بوجودهم هم ، يسبحون بحمد الله ويقدسون له، ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته شيئاً ولا يتعبون !!! 
هذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة
 خبر خلق آدم. أمر جائز على الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئاً،
 لأنهم رغم قربهم من الله ، وعبادتهم له، وتكريمه لهم،
 لا يزيدون على كونهم عبيداً لله، لا يشتركون معه في علمه،
 ولا يعرفون حكمته الخافية، ولا يعلمون الغيب .
 فلقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى في بناء هذه الأرض وعمارتها، وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها وترقيتها وتعديلها ، على يد خليفة الله في أرضه الإنسان .
 هذا الذي قد يفسد أحياناً ، وقد يسفك الدماء أحياناً اخرى .
 عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيءٍ والخبير بمصائر الأمور 
فقال لهم تعالى : ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).البقرة:30
 أدركت الملائكة أن أمر الله صدر وسيجعل في الأرض خليفةً.
 وقد أصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلاً،
 فقال إنه سيخلق بشراً من طين،
 فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له، والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة،
 لأن سجود العبادة لا يكون إلا لله وحده. 
جمع الله سبحانه وتعالى قبضة من تراب الأرض وأديمها ،
 فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر ...
- ولهذا يأتي الناس ألوانا مختلفة - 
مزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالاً من حمأ مسنون.
 تعفن الطين وانبعثت له رائحة...
 وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيءٍ يصير هذا الطين؟



سجود الملائكة لآدم:
 من هذا الصلصال خلق الله تعالى آدم . سواه بيديه سبحانه ،
 ونفخ فيه من روحه سبحانه . فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له . 
ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم.
 فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس:
فقال الله له : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ(75)).سورة ص
~ فردّ إبليس بمنطق يملأه الحسد: قال تعالى :
( قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ(76)).سورة ص
~ هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح من الجنة بعد أن كانت داره ومستقره فبمعصيته طرده الله منها:
قال تعالى : ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ(77) ).سورة ص
~ وإنزل الله اللعنة عليه إلى يوم الدين.
 والطرد واللعنة والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم . هنا تحول الحسد إلى حقد وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس فقال لربه : ( قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(79) ). سورة ص
~ واقتضت مشيئة الله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه
 إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد.
 فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: 
قال تعالى نقلاً عن ابليس لعنه الله :
( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) ). سورة ص
~ ويستدرك فيقول : (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)سورة ص
~ فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .
 وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . 
إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين . 
لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان .
 لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن بلوغ غايته فيهم !!!
وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ، والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم .
 هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة !
 وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره . فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم ، يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفةً لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين .
 وعليهم تبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان .
 وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين . 
فأرسل إليهم الأنبياء والرسل المنذرين .


 تعليم آدم الأسماء: 
ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم 
الذي أودعه الله هذا الكائن البشري ، وهو يسلمه مقاليد الخلافة..
 فقال تعالى: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ
 فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(31) ). البقرة 
- سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات . 
- سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها
 - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرى في حياة الإنسان على الأرض .
 ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى ، 
لو لم يوهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات ، والمشقة في التفاهم والتعامل ، حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم 
ليتفاهموا بشأنه . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! 
وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لم يودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .
 أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية ، لأنها لا ضرورة 
لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . 
فلما علم الله آدم هذا السر ، وعرض الله على الملائكة ما عرض ،
 لم يعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . وجهروا أمام هذا العجز بتسبيح ربهم ، والاعتراف بعجزهم ، والإقرار بحدود علمهم ، وهو ما علمهم الله .
 ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء . ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليم الحكيم : قال تعالى :
 ( قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ
 قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ 
وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ(33) ). سورة البقرة 
- أراد الله تعالى أن يقول للملائكة إنه عَـلِـمَ ما أبدوه من الدهشة
 حين أخبرهم أنه سيخلق آدم ، كما علم ما كتموه من الحيرة 
في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود. 

سكن آدم وحواء في الجنة:
 كان آدم يحس الوحدة. فخلق الله حواء وأسكنهما الجنة. 
ولا نعرف مكان هذه الجنة بدقة وبشكل مطلق.
 فقد سكت القرآن عن مكانها ولم يحددها بدقة 
واختلف المفسرون فيها على خمسة وجوه :
 قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء.
 ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها 
على إبليس ولما جاز فيها وقوع عصيان.
 وقال آخرون: إنها جنة المأوى خلقها الله لآدم وحواء.
 وقال غيرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف ...
وهو الأسلم الآراء والله اعلم واحكم ..
لأن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئاً 
بالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.
 لم يعد يحس آدم الوحدة. كان يتحدث مع حواء كثيراً.
 وكان الله قد سمح لهما بأن يقتربا من كل شيء
 وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. 
فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة. 
غير أن آدم إنسان، والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في صدره، 
واستغل تكوين آدم النفسي. وراح يثير في نفسه يوما بعد يوم.
 راح يوسوس إليه يوماً بعد يوم : قال تعالى :
 ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ، قَالَ : يَاآدَمُ ...
هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى(120)) .سورة طه
 تسائل أدم بينه وبين نفسه. ماذا يحدث لو أكل من الشجرة .؟ 
ربما تكون شجرة الخلد حقاً، وكل إنسان يحب الخلود.
 ومرت الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة.
 ثم قررا يوماً أن يأكلا منها !!!
 نسيا أن الله حذرهما من الاقتراب منها.
ونسيا أن إبليس عدوهما القديم اللدود المتربص بهما.
 ومد آدم يده إلى الشجرة وقطف منها إحدى الثمار 
وقدمها لحواء. وأكل الاثنان من الثمرة المحرمة.
 وليس صحيحاً ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل من الشجرة. 
لأن نص القرآن لا يذكر حواء ؟؟؟؟
 بل يذكرآدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاة والسلام.
 وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول. ...
لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار،
 وأن زوجته عارية. وبدأ هو وزوجته يقطعان أوراق الشجر
 لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري.
 وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.
 هبوط آدم وحواء إلى الأرض: وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربه وأخبرهما الله أن الأرض هي مكانهما الأصلي. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.
 يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا 
من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك.
 هذا التصور غير منطقي لأن الله تعالى حين شاء أن يخلق آدم
 قال للملائكة:( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً )
 ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة.
 لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، 
وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله.
 كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة.
 ويهبطان إلى الأرض. أما تجربة السكن في الجنة 
فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. 
ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما 
أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وذكر سول الله 
عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ
 قال:
« حاجَّ موسى آدم عليهما السلام فقال له : 
أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم.
قال آدم : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني،
 أو قدره علي قبل أن يخلقني.
قال رسول الله ﷺ 
: فحجَّ آدم موسى ».
 رواه البخاري ومسلم ، والنسائي، ورواه أحمد، 
ولذلك فإن الطريق إلى الجنة يكون بطاعة الله وعداء الشيطان وطرده من حياتنا وعن طريقنا للوصول إلى الله 
ودخول جنة الخلد يوم القيامة.

تعليقات

التنقل السريع