القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة الغلام العاشق وسر كنزه البارق








قصة عيسی عليه السلام والكنز ...

 


يحكى أن نبي الله عيسى ابن مريم عليهما السلام
 جمع بعض قومه من الحواريين
وسار بهم في بعض سفره سياحته ...
 فلما اقتربوا في سيرهم ليلاً إلى بلد من البلدان وعلى اشرافها
وجدوا كنزاً عظيماً قرب الطريق.
 فقال بعض أصحاب عيسى عليه السلام ممن معه :
إئذن لنا يا روح الله أن نقيم هاهنا و نحوز هذا الكنز لئلا يضيع؟
 فقال لهم عيسى عليه السلام :
 أقيموا هاهنا و أنا سأدخل البلد ولي فيها كنزاً أطلبه !!!
 فلما دخل عليه السلام البلد وجال فيه رأى داراً خربة
 فأستأذن أهلها ودخلها فلم يجد فيها إلا عجوزاً ،
 فقال لها أنا ضيفك في هذه الليلة فهل في الدار أحدٌ غيرك ؟
قالت : نعم لي ابن صغير مات أبوه و بقي يتيماً في حجري
 وهو يذهب إلى الصحاري و يجمع الشوك و يبيعه و نتعيش به


 فلما جاء ولدها قالت له : بعث الله لنا في هذه الليلة ضيفاً صالحاً
 تسطع من جبينه أنوار الهدى و الصلاح فاغتنم خدمته و صحبته.
 فدخل الابن على عيسى عليه السلام وأكرمه دون ان يعرفه .
 فلما كان في بعض الليل سأل عيسى عليه السلام الغلام عن حاله
 و معيشته وغيرها ، فحكى الغلام حاله وأمه وأوجز في مقاله
 وأبلغ لضيفه مراده وأعلمه كل ما يخطر عن وضعهم بباله .
وهنا تفرس نبي الله عيسى عليه السلام فيه آثار العقل والاستعداد
 للترقي في مدارج الكمال والسمو في القيم والأخلاق والعلم،
ولكن عيسى عليه السلام أحس أن قلب الغلام مشغول بهمٍّ عظيم.
 فقال عيسى عليه السلام : يا غلام أرى قلبك مشغولاً بهمٍّ عظيم !!!؟
فأخبرني لعل الله أن يجعل عندي دواءاً لدائك فإنه على كل شيء قدير 
فلما بالغ عيسى عليه السلام واصر عليه ان يخبره الخبر...


 قال الغلام : نعم يا ضيفنا الحكيم في قلبي همٌّ عظيم لا يقدر على دوائه
 وعلاجه إلا الله تعالى ...
فقال عيسى عليه السلام :أخبرني به لعل الله يلهمني ما يزيله عنك
 فقال الغلام : إني كنت يوماً أحمل الشوك إلى البلد فمررت بقصر ابنة الملك
 فنظرت إلى القصر فوقع نظري عليها فدخل حبها شغاف قلبي
وهو يزداد كل يوم و لا أرى لذلك دواء إلا الموت !!!
فقال عيسى عليه السلام :
 إن كنت تريدها أنا أساعدك حتى تتزوجها
فقال الغلام : أتهزأ بي يا حكيم أم ماذا ؟؟؟
فقال له عيسى عليه السلام : ثق بي يا غلام
وبإذن الله سيكون ما ترنو له وما تريد !!!
 فقام الغلام إلى أمه و أخبرها بمقالة ضيفهم .
 فقالت له أمه : يا ولدي إني لا أظن أن هذا الرجل يعد بشيء
 لا يمكنه الوفاء به فاسمع له و أطعه في كل ما يقول ...


فلما أصبحوا قال عيسى عليه السلام للغلام اذهب إلى باب الملك
فإذا أتى خواص الملك ليدخلوا عليه قل لهم أبلغوا الملك عني 
أني جئته خاطباً كريمته ، ثم ائتيني وأخبرني بما جرى بينك وبين الملك
 فأتى الغلام باب الملك فلما قال ذلك لخاصته ضحكوا وتعجبوا من قوله 
ودخلوا على الملك وأخبروه بما قال الغلام مستهزءين به
 فاستحضره الملك فلما دخل على الملك و خطب ابنته
قال الملك مستهزئاً به لا أعطيك ابنتي إلا أن تأتيني من اللئالئ
واليواقيت والجواهر كذا وكذا ووصف له كنوزاً مما لا يوجد
في خزانة ملك من ملوك الدنيا !!!
فقال الغلام : أنا أذهب وآتيك بجواب هذا الكلام..
 فرجع إلى عيسى عليه السلام فأخبره بما جرى..
 فذهب به عيسى عليه السلام إلى خربة فيها أحجار و مدر كبار
فدعا عيسى عليه السلام الله تعالى فصيرها كلها من جنس
ما طلب الملك و أحسن منها !!!
فقال يا غلام : خذ منها ما تريد و اذهب به إلى الملك ،


فلما أتى الملك بها تحير الملك و أهل مجلسه في أمره ،
وضربهم الطمع ورغبوا بتعجيز الغلام  فقالوا :
 لا يكفينا هذه الكنوز نريد أكثر !!!
  فرجع الغلام إلى عيسى عليه السلام فأخبره الخبر،
 فقال له عيسى عليه السلام : اذهب إلى الخربة و خذ منها ما تريد
واذهب بها إليهم ...
فلما رجع الغلام إليهم بأضعاف ما أتى به أولاً زادت حيرتهم
وقال الملك : إن لهذا شأناً غريباً فخلا بالغلام واستخبره عن الحال
 ورجاه أن يصدقه القول وأن يرفع عن وجوههم الغفلة 
ويزيل عن عقولهم الحيرة والوهرة !!!


فأخبره الغلام بكل ما جرى بينه و بين ضيفه الحكيم
وما كان من عشقه لابنته فعلم الملك يقيناً أن الضيف هو:
نبي الله عيسى ابن مريم عليهما السلام ...
 فقال للغلام : قل لضيفك يأتيني و يزوجك ابنتي ...
فحضر عيسى عليه السلام وزوجهما  
وبعث الملك ثياباً فاخرة إلى الغلام فألبسها إياه
و جمع بينه و بين ابنته تلك الليلة ...
فلما أصبح طلب الغلام و كلمه فوجده عاقلاً وفهيماً.
 ولم يكن للملك ولد غير هذه الابنة فجعل الملك زوج ابنته
ولي عهده ووريث عرشه ...


وأمر خواصه وأعيان مملكته ببيعته وطاعته ..
فلما كانت الليلة الثانية سبحان الله !!! مات الملك...
 فأجلسوا الغلام على سرير الملك وأطاعوه وسلموا إليه خزائنه.
 فأتاه سيدنا عيسى عليه السلام في اليوم الثالث ليودعه ،
فقال الغلام أيها الحكيم إن لك عليّ حقوقاً لا أقوم بشكر واحد منها
 ولكن عرض على قلبي البارحة أمر لو لم تجبني عنه
 لم أنتفع بشيءٍ مما حصلته لي...
 فقال عيسى عليه السلام : وما هو ؟؟؟
 قال الغلام : إنك قدرت على أن تنقلني من تلك الحالة الخسيسة
 إلى هذه الدرجة الرفيعة في يومين فلم لا تفعل هذا لنفسك ؟
وأراك في تلك الحالة !!!
 فلما ألحّ في السؤال قال له عيسى عليه السلام :


 إن العالم والعارف بالله و بدار ثوابه و كرامته
والبصير بفناء الدنيا وخستها لا يرغب إلى هذا الملك الزائل
وإن لنا في قربه تعالى ومعرفته ومحبته لذّات روحانية
لا تعد تلك اللذات الفانية عندها شيئاً !!!
 فلما أيقن الغلام وعرف حقيقةً بعيوب الدنيا وآفاتها
 ونعيم الآخرة ودرجاتها ...
فقال فلي عليك حجة أخرى لما اخترت لنفسك ما هو أولى وأحرى
وأوقعتني في هذه البلية الكبرى ؟؟؟
 فقال عيسى (عليه السلام) :
 إنما اخترت لك ذلك لأمتحنك في عقلك و ذكائك
 وليكون لك الثواب في ترك هذه الأمور الميسرة لك أكثر وأوفى
وتكون حجة على غيرك ...
فترك الغلام الملك ولبس أثوابه البالية وتبع عيسى (عليه السلام)
 فلما رجعا إلى الحواريين قال عيسى عليه السلام :
فذا كنزي الذي كنت أظنه في هذا البلد فوجدته والحمد لله.

منقول بتصرف ....

تعليقات

التنقل السريع