القائمة الرئيسية

الصفحات

اسرار هود وعظمة ارم ذات العماد الغامضة






من قصص الأنبياء ...


نبي الله هود عليه السلام ...

هود هو إسم للنبي الذي نؤمن به وأن الله أرسله إلى قوم عاد.
وتحمل إحدى سور القرآن إسمه وهي "سورة هود" ...
ولقد ذكر أسمه 7 مرات ، منها 5 في سورة هود
وواحدة في كل من سورة الشعراء و سورة الأعراف ...
قال اللهُ تبارك وتعالى :
{ وإلى عادٍ أخاهُم هودًا قال يا قومِ اعبدوا اللهَ 
ما لكُم من إلهٍ غيرُهُ أفلاَ تتَّقون }
 ( سورة الأعراف : 65 )
سيدنا هود عليه السلام هو عربيٌّ في أصله،
وقد جاء في صحيحِ ابن حبان عن أبي ذرّ في حديث طويل
 في ذكر الأنبياء والمرسلين قال :
"وأربعةٌ من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيّك محمد".
في شبهِ الجزيرةِ العربيةِ تَجِد منطقةً صحراويةً

 واسعةً في الشرقِ، إنّها منطقةُ الرَّبعِ الخالي...
منطقةٌ خاليةٌ من كلِّ آثارِ الحياةِ فلا نباتَ ولا مِياه حالياً..
ولكنْ هل كانت هذه المنطقةُ صحراءَ قبلَ آلافِ السنين ؟
لا كانت في هذه الأرضِ المُوحِشةِ مَناطقُ خِصبَةٌ وخضراء،
وهناك توجد أطلالَ مدينةٍ مَطمورةٍ تحتَ الرِّمال.
ففي هذه المِنطقةِ وفي عُصورِ ما قبلَ التاريخِ 

عاشَت قبائلُ « عاد » القويةُ،
وهي قبائلُ من العربِ البائدةِ..
نبي الله هود عليه السلام أرسل إلى قوم عاد 

الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان 
وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم
وعبدوا الأصنام فأرسل لهم الله هوداً نبياً مبشراً،وكان حكيماً،
ولكنهم كذبوه وآذوه فجاء عقاب الله 




سيرة نبي الله هود عليه السلام  :

عبادة الناس للأصنام :
بعد طوفان نوح عليه السلام، 
قام من آمن معه 

ونجى بعمارة الأرض.فكل من على الأرض في ذلك الوقت
 من المؤمنين. ومرت سنوات وسنوات.
ماتت أجيال واجيال فنسى الناس وصية نوح عليه السلام ،
فانحرف الناس عن عبادة الله وحده،
 وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة الجديدة
 التي يدخل الشيطان بها على المؤمنين !!!.
قال أحفاد قوم نوح:

 لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان.
فلنخلد ذكراهم فصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها،
وتطور هذا التعظيم جيلاً بعد جيل، فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة،
 وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى آلهة مع الله.
 وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية.
 فكان ذلك مؤذناً بأرسال الله لسيدنا هوداً
 إلى قومه نبياً وهادياً ومنذراً .


إرسال هود عليه السلام :


كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت مساكنهم خياماً كبيرة لها أعمدة شديدة
 الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام،
 والطول والشدة.. فكانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم.  
ومن اشهر اثارهم مدينة ارم ذات العماد التي جاء ذكرها فى سورة الفجر
 في القرآن الكريم،وقيل إنها القبيلة التي ضربها الله بغضبه لكثرة خطاياها ،
  فإرَم ذات العماد هى مدينة عربية مفقودة تقع فى القسم الجنوبي لشبه الجزيرة
 العربية في اليمن ويذكر أنها كانت مدينة غنية وكانت تشكل مركزاً تجارياً مهماً 
في منطقة الشرق القديم، 
ويذكر أنه ورد ذكر إرَم فى بعض الرقم الطينية القديمة لمدينة ايبلا فى سوريا
 وكانت مدينة عظيمة جداً بحيث لم يخلق مثلها في البلاد لعظيم بنائها
 ومهارة مهندسيها وفخامة فرشها واثاثها وغناءها بأغلى المجوهرات 
وأثمن وأندر الأحجار الكريمة
 فاستحقت لقب الإنفراد بعدم خلق مثلها في البلاد ...
ورغم كل ذلك كانت للقوم عقول مظلمة. وكانوا يعبدون الأصنام،


 
ويدافعون عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه.
ولم يكن يدور في خلدهم أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة .
فقال لهم هود نفس الكلمة التي قالها كل رسول ونبي

 من قبل ومن بعد
لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد ولا تخاف ولا تتراجع.
كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) .

وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيداً علينا بدعوتك ؟ 
وأي أجر تريده؟
إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم 
للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. 
ولا يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة .
 ولكن هود 
أفهمهم أن أجره على الله،
 إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم في نور الحقيقة. 
حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح،
 وكيف أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس،
 كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير والزرع. 
كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض.



 وتلفت قوم هود حولهم فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض،
 وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد .
قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها ؟
قال هود: كان آباؤكم مخطئين .
قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح تراباً يتطاير ف

ي الهواء، سنعود إلى الحياة ؟
قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل .
انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب إدعاء هود !!!.
هكذا تهامس الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت،
 فإذا مات تحلل جسده،
 فإذا تحلل جسده تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب.
 كيف يعود هذا كله إلى أصله ؟!
 ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟



 لماذا يقوم الأموات من موتهم ؟
استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم..

 ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..
أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله،
 مثلما هي ضرورة تتصل بحياة الناس.
 قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. 
إن حكمة الخالق المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، 
ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض. 
إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. 
فليست تصرفات الناس في الدنيا واحدة، 
هناك من يظلم، وهناك من يقتل،
 وهناك من يعتدي.. 
وكثيراً ما نرى الظالمين يذهبون بغير عقاب،
وكثيراً ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة بالاحترام والسلطة. 
أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟

 
هل يدفن معهم في التراب بعد الموت ؟
إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة.

 إن الخير لا ينتصر دائماً في الحياة.
أحياناً ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير.
هل تذهب هذه الجريمة بغيرعقاب ؟
إن ظلماً عظيماً يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يأتي !!!
ولقد حرم الله تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده.
 ومن تمام العدل وجود يوم للقيامة والحساب والجزاء.
 ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع القضايا
 مرة أخرى أمام الخالق،
ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب العالمين سبحانه.
 هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة الله ذاته .
وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه.
إن الاعتقاد بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب،
ثم تلقي الثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق
 أنظار البشر وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة،


ولا يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء 
سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق
 منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع
 لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، 
والانطلاق اللائق بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة .
حدثهم نبينا هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه.

 قالوا له هيهات هيهات ..
 واستغربوا أن يبعث الله من في القبور،
 استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان
بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب.
 وطبقا للمقاييس البشرية،
 كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب 
والعظام أسهل من خلقه الأول. 
لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته ؟!
 إن الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق.
 وليس المقياس البشري غير مقياسٍ بشري ينطبق على الناس،
 أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة بالنسبة إليه سبحانه،
 تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر .



موقف الملأ من قوم عاد مما دعاهم اليه نبي الله هود :
يروي المولى عزوجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) 

من دعوة هود عليه السلام.
 هؤلاء الملأ هم رؤساء القوم وأغنيائهم ومترفيهم 
يقفون ضد الأنبياء دوماً .
 يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)
فمن مواقع الثراء والغنى والترف، يولد عندهم الحرص على استمرار المصالح 
الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة، يولد الكبرياء !!!.
ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون :
 أليس هذا النبي بشراً مثلنا،
إنه يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب ؟
 بل لعله بفقره يأكل أقل مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، 
ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. 
كيف يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟
 هذا بشر .. فكيف نطيع بشرا مثلنا ؟ 


ثم لماذا اختار الله بشراً من بيننا ليوحى إليه ؟
قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشراً ويوحي إليه ؟!

فتسائل نبيهم هود عليه السلام : ما هو الغريب في ذلك؟
إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم لأحذركم وأنذركم وأذكركم بإن سفينة نوح
 وقصته ليست ببعيدة عنكم، فلا تنسوا ما حدث،
 لقد هلك الذين كفروا بالله،
 وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا أقوياء !!!.
قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
قال هود: الله .
قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا .
وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله،
هي نفسها التي تبعدهم عن الله. 

أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس،
وأن أي قوة أخرى في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع .
واستمر الصراع بين هود وقومه.

 وكلما استمر الصراع ومرت الأيام،
زاد قوم هود استكباراً وعناداً وطغياناً وتكذيباً لنبيهم.
وبدءوا يتهمون "هودا" عليه السلام بأنه سفيه مجنون .
قالوا له يوماً : لقد فهمنا الآن سرجنونك. 

إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك،
 وبسبب غضبها صرت مجنوناً !!! .
انظروا للسذاجة والسماجة والغباء التي وصل إليها تفكيرهم.
 إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها قوى على من صنعها.!!!


 لها تأثير على الإنسان مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا تنطق.
لم يتوقف هود عند هذيانهم، 
ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان،
ولكنه توقف عند قولهم قال تعالى :
(وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)
.
بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. 

لم يبق له إلا التوجه إلى الله وحده.
لم يبق أمامه إلا إنذار أخير

 ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم..
وتحدث هود عليه السلام بقوله تعالى :
قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54)

 مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم
 مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ فَإِن تَوَلَّوْاْ 
فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا 
إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (سورة هود)
إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق.
 رجل واحد يواجه قوماً
غلاظاً شداداً وحمقى ويتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء.
 إنسان بمفرده يقف ضد جبارين فيسفه عقيدتهم،
ويتبرأ منهم ومن آلهتهم،
 ويتحداهم أن يكيدوا له بغير إبطاء أو إهمال،
 فهو على استعداد لتلقي كيدهم،
 وهو على استعداد لحربهم فقد توكل على الله.
 والله هو القوي بحق،
وهو الآخذ بناصية كل دابة في الأرض.
 سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان
 فلا شيء يعجز الله .
بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره..
 يخاطب هود الذين كفروا من قومه. 
وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه،
 لأنه يقف مع الأمن الحقيقي ويبلغ عن الله وهو في حديثه 
يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة. 
فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم،
 سوف يستبدل بهم قوما آخرين.
 وهذا معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب .




النهاية وهلاك قوم عاد :
وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. 

وتوكل على الله الذي خلقه،
 وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. 
فهذا قانون من قوانين الحياة.
يعذب الله الذين كفروا، 
مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة .
انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض.

 لم تعد السماء تمطر.
 وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود ؟
 قال هود: إن الله غاضب عليكم، 
ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر
 فيزيدكم قوة إلى قوتكم. 
وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر.
 وزاد الجفاف، واصفرت الأشجار الخضراء ومات الزرع.
وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء.
 وفرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون:
(هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا) .
تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس.

 بدأت الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات 
والرجال والنساء والخيام. واستمرت الريح. ليلةً بعد ليلة، 
ويوماً بعد يوم كل ساعة كانت برودتها تزداد.
وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،
 اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية،
 فاشتد هبوب الرياح وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس 
وتمزق الجلد وتنفذ من فتحات الجسم وتدمره.
لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته كالرميم .
استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط.
ثم توقفت الريح بإذن ربها. فلم يعد ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى 
من النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه
 حتى يتطاير ذرات في الهواء .
نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة..
وهذه النهاية العادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته...

تعليقات

التنقل السريع