ومن يتق الله يجعل له مخرجا ...
الله لطيف بعباده ...
يقول الشيخ عائض القرني :
أخبرني أحد أعيان مدينة الرياض انه في عام 1376 هـ ،
ذهب مجموعة من البحارة من أهل الجبيل إلى البحر ،
يريدون اصطياد الأسماك البحرية للأكل و البيع ،
و مكثوا ثلاثة أيام بلياليهن لم يحصلوا على سمكةٍ واحدة ،
وكانوا يصلون الصلوات الخمس ويقرؤون القرآن ويذكرون الله،،،
وبجانبهم مجموعة أخرى تصطاد السمك مثلهم ،
ولكنهم سبحان الله !!! لا تسجد لله سجدة ، ولا تصلي صلاة ،
وإذا هم يصيدون ، ويحصلون على طلبهم من هذا البحر ،
فقال بعض هؤلاء المجموعة : سبحان الله !
نحن نصلي لله عز وجل كل صلاة ،
وما حصلنا على شئ من الصيد ،
وهؤلاء لا يسجدون لله سجدة وها هو صيدهم !!
فوسوس لهم الشيطان بترك الصلاة ، فتركوا صلاة الفجر ،
ثم صلاة الظهر ، ثم صلاة العصر ،
وبعد صلاة العصر أتوا إلى البحر فصادوا سمكة ،
فأخرجوها وبقروا بطنها ، فوجدوا فيها لؤلؤة ثمينة ، فأخذها أحدهم بيده ،
وقلَّبها ونظر إليها ، وقال : سبحان الله ! لما أطعنا الله ما حصلنا عليها ،
ولما عصيناه حصلنا عليها !! إن هذا الرزق فيه نظر .
ثم أخذ الؤلؤة ورما بها في البحر ،وقال : يعوضنا الله ،
والله لا آخذها وقد حصلت لنا بعد أن تركنا الصلاة ،
هيا ارتحلوا بنا من هذا المكان الذي عصينا الله فيه والله لا نصيد فيه شيء،
فارتحلوا بعيداً ما يقارب ثلاثة أميال ، ونزلوا هناك في خيمتهم ،
ثم اقتربوا من البحر ثانيةً ، فصادوا سمكة الكنعد ، ويا للمفاجأة ؟؟؟
فعندما بقروا بطن السمكة إذا بهم يوجدوا الؤلؤة في بطن تلك السمكة ،
فقالوا : الحمد لله الذي رزقنا رزقاً حلالاً طيباً .
بعد أن بدؤوا يصلون ويذكرون الله ويستغفرونه ، فأخذوا اللؤلؤة .
فانظر كيف كان من ذي قبل ،في وقت معصية ، وكان رزقاً خبيثاً ،
وانظر كيف أصبح الآن في وقت طاعة ، وأصبح رزقاً طيباً ،
قال تعالى :
(ولو أنهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله
سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا الى الله راغبون (التوبة :59))..
إنه لطف الله ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
يذكرني هذا بقصة الإمام عليٍّ رضي الله عنه ،،،
فعندما دخل مسجد الكوفة ليصلي ركعتي الضحى ،
فوجد غلاماً عند الباب ،
فقال : يا غلام ، احبس بغلتي حتى أصلي .
ودخل عليٌّ المسجد ، يريد أن يعطي هذا الغلام درهماً ،
جزاء حبسه للبغلة ، فلما دخل عليٌّ المسجد ، أتى الغلام إلى خطام البغلة ،
فاقتلعه من رأسها ، وذهب به إلى السوق لبيعه ،
وخرج عليٌّ فما وجد الغلام ، ووجد البغلة بلا خطام ،
فأرسل رجلاً في أثره ، وقال : اذهب إلى السوق ، لعله يبيع الخطام هناك .
وذهب الرجل ، فوجد هذا الغلام يحرج على الخطام ،
فشراه بدرهم وعاد يخبر علياً ، قال سبحان الله !
والله لقد نويت أن أعطيه درهماً حلالاً ، فأبى إلا أن يكون حراماً .
إنه لطف الله عز وجل ، يلاحق عباده أينما ساروا وأينما حلّوا وأينما ارتحلوا :
قال تعالى :
( وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عملٍ
إلا كنّا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرةٍ
في الارض ولا في السماء (يونس :61))