القائمة الرئيسية

الصفحات


ما معنى وقوف المصلي

 بين يدي الله عز وجل في الصلاة ؟





هل صحيح أننا نقف بين يدي الله تعالى عندما نصلي؟ ما الدليل على ذلك ، وما المقصود به؟

لقد تفكرت كثيراً في كيف كان العلماء والصالحون يطيلون الصلاة ، وكيف تمكنوا من ذلك ،

فهل يستطيع من لا يحفظ كثيراً من القرآن أن يطيل صلاته ؟


أولا :



إذا العبد قام إلى الصلاة قام بين يدي الله عز وجل . 

ومعنى (بين يديه) أنه يكون أمام ربه ،

والله جل جلاله تلقاء وجهه ؛

 وليس المراد باليد هنا اليد التي هي صفة الله تعالى .

قال الإمام أبو منصور الأزهري ، رحمه الله :

" وَيُقَال : بيْن يَديْك كَذَا ، لكلّ شَيْء أمامك.

 قَالَ الله : (مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) الْأَعْرَاف/ 17 " 

وقال الراغب الأصفهاني رحمه الله :

" ويقال: هذا الشيء بين يديك ، أي : متقدما لك 

، ويقال : هو بين يديك أي :

قريب منك ، وعلى هذا قوله :

( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ) الأعراف/ 17 ،

(ولَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا) مريم/ 64 

ثانيا :

قال ابن القيم رحمه الله :

" للْعَبد بَين يَدي الله موقفان : موقف بَين يَدَيْهِ فِي الصَّلَاة ،

وموقف بَين يَدَيْهِ يَوْم لِقَائِه ،

 فَمن قَامَ بِحَق الْموقف الأول هوّن عَلَيْهِ الْموقف الآخر ،

 وَمن استهان بِهَذَا الْموقف وَلم يوفّه حقّه شدّد عَلَيْهِ ذَلِك الْموقف "  


وروى البخاري ومسلم  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ

 " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ ،


فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ
 فَقَالَ :

 ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى ) " .


فهو سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه ، وهو قِبل وجه المصلي حقيقة ، 

على وجه يليق بجلاله .

يقول ابن تيمية رحمه الله :

" الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ،

 فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ ، لا مِنْ يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ " .

وقال أحد أهل العلم  :

" يمكن الجمع بين ما ثبت من علو الله بذاته ، وكونه قِبَل المصلي من وجوه :

الأول : أن النصوص جمعت بينهما ، والنصوص لا تأتي بالمحال .

الثاني : أنه لا منافاة بين معنى العلو والمقابلة ،

 فقد يكون الشيء عاليا وهو مقابل ، لأن المقابلة لا تستلزم المحاذاة ، 

ألا ترى أن الرجل ينظر إلى الشمس حال بزوغها فيقول : إنها قبل وجهي .

 مع أنها في السماء، ولا يعد ذلك تناقضا في اللفظ ولا في المعنى، 

فإذا جاز هذا في حق المخلوق ففي حق الخالق أولى.





الثالث: أنه لو فرض أن بين معنى العلو والمقابلة تناقضا وتعارضا في حق المخلوق ،



 فإن ذلك لا يلزم في حق الخالق، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته،



 فلا يقتضي كونه قبل وجه المصلي ، أن يكون في المكان أو الحائط الذي يصلي إليه،



لوجوب علوه بذاته، ولأنه لا يحيط به شيء من المخلوقات، بل هو بكل شيء محيط "



ثالثا :

كان العلماء و الصالحون والمؤمنون  يطيلون الصلاة ، 

ويكثرون منها لأنها كانت قرة أعينهم ،

 وكان أحدهم لا يكاد يخرج من صلاته إلا وهو يشتاق إليها .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الصلاة قرة عيون المحبين ، وسرور أرواحهم، ولذة قلوبهم، 

وبهجة نفوسهم، يحملون هَمّ الفراغ منها إذا دخلوا فيها 

كما يحمل الفارغ البطال همها حتى يقضيها بسرعة .



وبالجملة: فمن كان قرة عينه في الصلاة ، فلا شيء أحب إليه ،

 ولا أنعم عنده منها، ويودّ أَن لو قطع عمره بها ، غير مشتغل بغيرها ،

 وإنما يسلي نفسه إذا فارقها ، بأنه سيعود إليها عن قرب، 

فهو دائماً يثوب إليها ، ولا يقضى منها وطراً .

فلا يزنُ العبد إيمانه ومحبته لله بمثل ميزان الصلاة، فإنها الميزان العادل"


ويستطيع من لا يحفظ كثيرا من القرآن أن يطيل صلاته ، وذلك بعدة طرق ، منها :

1- أن يقرأ عدة سور من قصار السور التي يحفظها في الركعة الواحدة .

2- أن يكرر ما يقرأه ، فيقرأ سورة قصيرة ، أو عدة آيات ، ويكررها كثرا ،

 فلا حرج على المصلي أن يكرر ما يقرأه ،

 أو أن يقرأ أكثر من سورة في الركعة الواحدة ،

 وكل ذلك قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله .

3- أن يقرأ من المصحف إذا كان ذلك في صلاة النافلة .

وينبغي أن يُعلم : أن الأفضل في الصلاة أن تكون متناسبة ،

 فإذا أطال القيام أطال سائر الأركان ، 

كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك .

وليهتم المصلي بالخشوع في الصلاة ، واستحضار القلب فيها ،

واستحضار عظمة الله عز وجل ومراقبته ، 

فأفضل الصلاة صلاة الخاشعين المخبتين ، ولو كانت صلاة خفيفة .

تعليقات

التنقل السريع