القائمة الرئيسية

الصفحات

المولد النبوي بين الغلاة والمفرطين . اين يكمن اليقين ؟




المولد النبوي والاحتفال فيه بين التحريم والاباحة !!!


" هناك لغط كبير حول حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف !!!
 هناك من يرى أن الاحتفال بذكرى المولد بدعة، وكل بدعة ضلالة، 
وكل ضلالة في النار، صاحبنا هذا أوصلنا بالاحتفال إلى النار!!!
 وهناك من يرى أنه لابد من أن نحتفل بذكرى المولد، فهو عبادة من العبادات، 
وكلا الرأيين خاطئ، والحق وسط بين طرفين" (الشيخ العلامة محمد راتب النابلسي)

فما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟ وما حجة كل طرف ؟...

أولاً : الناهون عن الإحتفال لدرجة التحريم والبدعة ...

فقد أفتى ثلة من العلماء بعدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي، 
من جملتهم 
شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الشاطبي ..
وغيرهم من علماء السلفية والوهابية والظاهرية ...
وكانت حججهم وأدلتهم تدور حول :
1- أن الاحتفال بالمولد لا أصل له في الكتاب والسنة، ولم يقمه رسول 
ولا الصحابة ولا أحد في القرون الثلاثة الفاضلة..
2- أن المولد بدعة محدثة، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة 
أن رسول الله ﷺ قال :(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)...
3- أن إقامة المولد تشبه بدين النصارى، 
الذين يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عليه السلام، وقد نهينا عن التشبه بهم.
4- أن الفرح بهذا وإظهار السرور، فيه قدح في محبة العبد لنبيه الكريم
 فهذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي ﷺ فكيف يفرح فيه..؟؟!!
5- اشتمال هذه الموالد على كثير من الكبائر وعظائم الأمور 
والتي يجد فيها أصحاب الشهوات بغيتهم مثل:
الطرب والغناء الماجنين واختلاط الرجال بالنساء، وتناول المحرمات.!!
6- أن الاحتفال بالمولد هو من الغلو في الدين!!!
 إذ يرفع بعض المحتفلون رسول الله ﷺ إلى مرتبة الألوهية..!!!

ثانياً : المحتفلون والمبيحي المولد 
لدرجة العبادة والتقرب إلى الله بالمولد ..!!


فقد أجاز جمهور من أكابر العلماء الاحتفال بذكرى المولد النبوي،
 ومن بينهم :
شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني، والحافظ السيوطي، والحافظ السخاوي، 
وابن عاشر المالكي، وابن مرزوق.وغيرهم من شيوخ الطرق الصوفية وعلمائهم.
ويجيبون على أدلة المانعين بما يلي:
1- ترك النبي لا يدل على التحريم؛ فإنه من المعلوم أن رسول الله ﷺ لم يفعل جميع
 
المندوبات والمباحات، لذلك تحريم كل ما تركه لا يعد مقبولاً وسائغاً ،
حيث لا يحق لأحد أن يحرم على نفسه أو على غيره إلا بدليل صحيح واضح، 
وإلا فهو معتد ومبتدع ومتنطع )!!!
2- لا يصح الاستدلال بعدم احتفال الصحابة رضي الله عنهم بالمولد النبوي 
على عدم جواز ذلك لأنهم رضي الله عنهم عاشوا تلك الأحداث بالفعل
3- أما الزعم أنها بدعة محدثة وضلالة، فالعلم قائم أن البدعة هو إحداث أمر
 في الدين لا أصل له في الشرع، أو التعبد لله بغير الطريقة النبوية. 
وليس في إقامة المولد شيء من هذا..!!!
4- ثم إنّ هذا الاحتفال ليس نوعاً من العبادات التي يشرّعها الله، 
ولكنّه من أنواع العادات والأعراف التي يخترعها النّاس،
ثمّ يأتي الشّرع بإباحتها إذا لم يكن فيها حرام، أو بمنعها إذا اشتملت على محرّمات. 
وبما أن ذكرى المولد في الأصل تذكير بسيرة الرّسول ﷺ وأخلاقه
فهي مباحة وفيها من الأجر إن شاء الله ما لا يخفى ...
5- أما القول في أن في الاحتفال تشبه بالنصارى فهو ظني وغير ثابت !!!
6- أما تخصيص يوم بالاحتفال، يكون بدعة إذا اعتقد المحتفل وادّعى 
ورود الشرع به، أو حثّه على هذا التخصيص !!!
فإن غاب هذا الاعتقاد انتفى الحكم ببدعية الاحتفال ... 
- ومعلوم أن جميع مجيزي الاحتفال بالمولد متفقون على جوازه في سائر الأيام.
7- ومن أدلة الإباحة القول بانعقاد الإجماع على جواز الاحتفال بالمولد النبوي،
حيث أن أول إحياء للمولد كان في القرن الرابع، 
ولم يعترض أحد من العلماء حتى القرن السابع
8- واستدل البعض أيضا بأدلة عامة أخرى كثيرة منها :
ما في صحيح مسلم حين سئل رسول الله 
عن صيام الاثنين فقال: “ذاك يوم ولدت فيه”.
وما ذكره السيوطي فيما رواه البيهقي عن أنس بن مالك من أن:
 رسول اللهﷺ عق عن نفسه بعد النبوة.
وأن رسول الله ﷺ كان يصلي على نفسه، كل ذلك شكرانا لنعمة النبوة.

رأي دار الإفتاء الأردنية :


الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أسلوب حضاري للتعبير عن المحبة لرسول ﷺ ،
 والاعتزاز بقيادته ، والالتزام بشريعته ، ويجب أن يكون خالياً من المخالفات 
الشرعية، ويُكتفى فيه بذكر السيرة العطرة، والشمائل الكريمة،
والحث على التمسك بالدين.


آراء وأقوال :

لمكانة الرسول ﷺ في نفوس المسلمين قدر عظيم، فهم يحبونه ويوقرونه 
ويعظمونه أكثر من أهليهم وأولادهم بل حتى من أنفسهم  ...
لكن هذا الحب لابد أن يقترن بمتابعةٍ لسنته عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم، 
كما قال الحق سبحانه وتعالى : 
"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".[آل عمران:31]
 ومن المعروف عندنا معاشر المسلمين أنه لا يوجد شخص قد أحب نبينا ﷺ مثل:
 حب أصحابه الكرام رضوان الله عليهم له، وقصصهم في التفاني في حبه معروفة 
مدونة في كتب السنة والسيرة، 
حتى كان الواحد منهم إذا تذكر رسول ﷺ وهو جالس بين أهله وأولاده 
يتركهم ثم يأتي رسول الله ﷺ شوقاً إليه ...
فالقول بأن الاحتفال بالمولد بدعة منكرة قول صائب ، 
وذلك لأنه لم يثبت عن نبينا ﷺ أنه احتفل بيوم مولده ، ولا عن الصحابة،
 ولا عن التابعين، مع أن سبب الاحتفال بالمولد موجود، 

ومع ذلك لم يفعلوه ولم يفعله من بعدهم من التابعين لهم بإحسان، 
ولو كان في مثل هذه الاحتفالات خير لفعله الصحابة، 
ولأمر به النبي ﷺ، فدل هذا على أن هذه الاحتفالات ليست بمشروعة،
 وأنها من الأمور المحدثة، وأول من أحدثها هم الفاطميون في القرن السادس
 الهجري عند ظهور الدولة الفاطمية. 
(العبيديون) وقد كانت تصرفاتهم مشبوهة،
 ومن العلماء من أخرجهم من الملة ولا شك في ضلالهم وبعدهم عن منهج القويم!!
 نسأل الله العافية والثبات على السنة والبعد عن البدعة ، 
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أن رسول اللهﷺ قال :
 ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ).


فإن إيمان العبد لا يتم له على الحقيقة إلا بالإيمان بالنبي والتعظيم له
 وأن أعظم علامات حبه عليه الصلاة والسلام تكمن في اتباعه
وامتثال أمره والاقتداء به والتأسّي بسنته عقيدة وأحكاماً وسلوكاً ...

فَكُلُّ خَيْرٍ فِي اتِّبَاعِ مَنْ سَلَف
وَكُلُّ شَرٍ في ابْتـدَاعِ مِـنْ خَلَـفْ
وَكُلُّ هَدْيٍ لِلنَّبِّي قَـدْ رَجَـحْ
فَمَا أُبِيحَ افْعَلْ وَدَعْ مَـا لَـمْ يُبَـحْ
فَتَابِعِ الصَّالِحَ مِمَّـنْ سَلَفَـا
وَجَانِـبِ الْبِدْعَـةَ مِمَّـنْ خَلَـفَـا...

خلاصة القول ...



بعد عرض أدلة الفريقين يتبين أن ليس هناك دليل خاص جداً يمنع من 
الاحتفال بالمولد النبوي، وأن جميع الأدلة العامة التي يقدمها المعارضون
 مردود عليها، ونخلص إلى القول بأنه: 
إذا خلا الاجتماع على إقامة المولد النبوي من المنكرات، فلا حرج فيه. 
بل فيه من الفوائد الكثيرة والجليلة ما يجعل مقيميه ممن يحيون ما مات من سنة
 المصطفى ﷺ وذلك بذكر مناقبه ﷺ وشمائله، ومدحه والصلاة عليه، 
وإظهار شكر هذه النعمة العظيمة، وهذه الرحمة المسداة.
 فلا حرج إذن في أن يعتمد شهر المولد كشهر تهيج فيه عواطف المحبة 
نحو رسول الله ﷺ ولا حرج في أن يعتمد شهر المولد كشهر يكثر فيه
 الحديث عن شريعة رسول الله ﷺ وسنته وسيرته العطرة ...

تعليقات

التنقل السريع