القائمة الرئيسية

الصفحات


قصة نبي الله ابراهيم وإبنه اسماعيل ...

رحلة إبراهيم مع هاجر وإسماعيل لوادي مكة:
استيقظ إبراهيم يوما فأمر زوجته هاجر أن تحمل ابنها وتستعد لرحلة طويلة. وبعد أيام بدأت رحلة إبراهيم مع زوجته هاجر ومعهما ابنهما إسماعيل. وكان الطفل رضيعاً لم يفطم بعد.

وبقي إبراهيم يسير وسط أرض مزروعة تأتي بعدها صحراء
تأتي بعدها جبال. حتى دخل إلى صحراء الجزيرة العربية،
 وقصد إبراهيم وادياً ليس فيه زرع ولا ثمر ولا شجر ولا طعام
 ولا مياه ولا شراب. كان الوادي يخلو تماماً من علامات الحياة.
وعندما وصل إبراهيم إلى الوادي، وهبط من فوق ظهر دابته.
أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جراباً فيه بعض الطعام، وقليلاً من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.
 أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له :
يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟
لم يرد عليها سيدنا إبراهيم. وتابع سيره.
 عادت تقول له ما قالته وهو صامت لا يرد عليها !!!
 ففهمت المرأة بإيمانها أنه لا يتصرف هكذا من نفسه.
لقد احست وأدركت أن الله أمره بذلك فسألته آخراً:
 هل الله أمرك بهذا ؟
 قال إبراهيم عليه السلام : نعم .
قالت الزوجة المؤمنة العظيمة: إذاً لا يضيعنا الله
فهو معنا وهو الذي أمرك بهذا.
سار إبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف
 ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله:
{ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(37)}سورة ابراهيم
لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت هناك حكمة عليا في هذه التصرفات الغامضة، فقد كان إسماعيل الطفل الذي ترك مع أمه في هذا المكان، كان هذا الطفل هو الذي سيصبح مسؤولاً مع والده عن بناء الكعبة فيما بعد. وكانت حكمة الله تقضي أن يمتد العمران إلى هذا الوادي، وأن يقام فيه بيت الله الذي نتجه جميعا إليه أثناء الصلاة بوجوهنا. ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء وعاد راجعاً إلى كفاحه في دعوة الله. أرضعت أم إسماعيل ابنها وأحست بالعطش. كانت الشمس ملتهبة وساخنة وتثير الإحساس بالعطش.

بعد يومين انتهى الماء تماماً، وجف لبن الأم.
وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش..
وكان الطعام قد انتهى هو الآخر.
وبدا الموقف صعبا وحرجا للغاية.!!!!

ماء زمزم:
بدأ إسماعيل يبكي من العطش. وتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء. راحت تمشي مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".

 فصعدت إليه وراحت تبحث بهما عن بئر أو إنسان أو قافلة.
لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا
لكنها لم تر أحداً. وعادت الأم إلى طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت إلى المروة فنظرت من فوقه. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين الصغيرين. سبع مرات وهي تذهب وتعود.
ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل.
 عادت هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث.
 وجلست بجوار ابنها الذي أضناه البكاء والعطش.
وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله،
وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم. وفار الماء من البئر. أنقذت حياتا الطفل والأم.
راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله. وشربت وسقت طفلها وبدأت الحياة تدب في المنطقة. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله معنا. وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة. وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان.

الأمر بذبح إسماعيل عليه السلام:
كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه على كبر فأحبه..

وابتلى الله تعالى إبراهيم بلاءاً عظيماً بسبب هذا الحب.
فقد رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم يعلم أن رؤيا الأنبياء وحي.
 انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار.
نحن أمام نبي قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره. فكر إبراهيم في ولده..
 ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه..
الأفضل أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهراً ويذبحه قهراً. هذا أفضل..
 انتهى الأمر وذهب ابراهيم إلى ولده اسماعيل مصارحاً إياه:
قال تعالى : (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ
فَانظُرْ مَاذَا تَرَى) ... سورة الصافات 102...
 انظر إلى تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه..
 فماذا يرى الابن الكريم في ذلك ؟
 أجاب إسماعيل : هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه،
قال تعالى :
 (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)
... سورة الصافات 102 ...
تأمل رد الابن.. إنسان يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده صابراً.
 ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض،
وجهه في الأرض رحمة به كيلا يرى نفسه وهو يذبح.
 وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر الله مطاع.
(فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير..
هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء. عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم عيداً لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين. عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل. 

تعليقات

التنقل السريع