من احب لقاء الله احب الله لقائه ...
حكى لي صديقي ذات مرة قصة أبكت عيني وأدمت قلبي :
عشت مغترباً في احدى دول الخليج العربي عشر سنين
ورزقت فيها بابنة واحدة أسميتها وردة ،
وكان الله قد رزقني قبلها بولد لي وأسميته محمود ،
وكان يكبر وردة بثمان سنين.
وكان يكبر وردة بثمان سنين.
وكنت أعمل هنا في مهنة الهندسية المعمارية ،
وأنا حائز على درجة الدكتوراة.
وأنا حائز على درجة الدكتوراة.
كانت وردة آية من الجمال لها وجه نوراني رباني زاهر..
ومع بلوغها التسع سنوات رأيتها من تلقاء نفسها تلبس الحجاب وتصلي وتواظب على قراءة القرآن بصورة ملفتة للنظر..
ومع بلوغها التسع سنوات رأيتها من تلقاء نفسها تلبس الحجاب وتصلي وتواظب على قراءة القرآن بصورة ملفتة للنظر..
فكانت ما إن تنتهي من أداء واجباتها المدرسية حتى تقوم على
الفور وتفترش سجادة صلاتها الصغيرة وتأخذ بقرآنها
وهي ترتله ترتيلاً طفولياً ساحراً.
الفور وتفترش سجادة صلاتها الصغيرة وتأخذ بقرآنها
وهي ترتله ترتيلاً طفولياً ساحراً.
وكنت غالباً أقول لها : يا ابنتي قومي إلعبي مع صديقاتك ،
فكانت تقول: صديقي هو قرآني وصديقي هو ربي ونعم الصديق.
ثم تواصل قراءة القرآن..
وذات يوم اشتكت من ألم في بطنها عند النوم فأخذتها إلى المستوصف القريب
وذات يوم اشتكت من ألم في بطنها عند النوم فأخذتها إلى المستوصف القريب
فأعطاها بعض المسكنات فتهدأ آلامها يومين ثم تعاودها
وهكذا تكررت الحالة..
وهكذا تكررت الحالة..
ولم أعط الأمر حينها أي جدية وشاء الله أن تفتح الشركة
التي أعمل بها فرعاً في امريكا .
وعرضوا علي منصب المدير العام هناك فوافقت .
التي أعمل بها فرعاً في امريكا .
وعرضوا علي منصب المدير العام هناك فوافقت .
ولم ينقض شهر واحد حتى كنا في أحضان أمريكا مع زوجتي ومحمود ووردة ولا أستطيع وصف سعادتنا بتلك الفرصة الذهبية والسفر للعيش في أمريكا ،
هذا البلد العملاق الذي يحلم بالسفر إليه كل إنسان معاصر .
بعد مضي قرابة الشهرين على وصولنا إلى أمريكا عاودت الآلام وردة فأخذتها إلى دكتور باطني متخصص فقام بفحصها
بعد مضي قرابة الشهرين على وصولنا إلى أمريكا عاودت الآلام وردة فأخذتها إلى دكتور باطني متخصص فقام بفحصها
وقال : ستظهر النتائج بعد أسبوع ولا داعي للقلق.
أدخل كلام الطبيب الاطمئنان إلى قلبي وسرعان ما حجزت
لنا مقاعد على أقرب رحلة إلى مدينة الألعاب أورلاندو
وقضينا وقتاً ممتعاً مع وردة بين الألعاب والتنزه هنا وهناك.
أدخل كلام الطبيب الاطمئنان إلى قلبي وسرعان ما حجزت
لنا مقاعد على أقرب رحلة إلى مدينة الألعاب أورلاندو
وقضينا وقتاً ممتعاً مع وردة بين الألعاب والتنزه هنا وهناك.
وبينما نحن في متعة المرح رنّ صوت هاتفي النقال فوقع قلبي
لا أحد في أمريكا يعرف رقمي ،
عجباً أكيد الرقم خطأ فترددت في الإجابة
لا أحد في أمريكا يعرف رقمي ،
عجباً أكيد الرقم خطأ فترددت في الإجابة
وأخيراً ضغطت على زر الإجابة. ألو.. من المتحدث ؟
أهلاً يا حضرة المهندس..
معذرة على الإزعاج فأنا الدكتور ستيفن.
معذرة على الإزعاج فأنا الدكتور ستيفن.
طبيب ابنتك وردة هل يمكنني لقاؤك في عيادتي غدا؟.
وهل هناك ما يقلق في النتائج ؟!
في الواقع نعم . لذا أود رؤية وردة .
وهل هناك ما يقلق في النتائج ؟!
في الواقع نعم . لذا أود رؤية وردة .
وطرح عدد من الأسئلة قبل التشخيص النهائي.
حسناً سنكون عصر غد عند الخامسة في عيادتك إلى اللقاء
اختلطت المخاوف والأفكار في رأسي..
ولم أدر كيف أتصرف فقد بقي في برنامج الرحلة يومان
ووردة في قمة السعادة !!!
ولم أدر كيف أتصرف فقد بقي في برنامج الرحلة يومان
ووردة في قمة السعادة !!!
أنها المرة الأولى التي تخرج فيها للتنزه منذ وصولنا إلى أمريكا.
وأخيرا أخبرتهم بأن الشركة تريد حضوري غداً إلى العمل
لطارئ ما وهي فرصة جيدة لمتابعة تحاليل وردة
فوافقوا جميعاً على العودة
وأخيرا أخبرتهم بأن الشركة تريد حضوري غداً إلى العمل
لطارئ ما وهي فرصة جيدة لمتابعة تحاليل وردة
فوافقوا جميعاً على العودة
بشرط أن نرجع إلى أورلاند في العطلة الصيفية.
وفي العيادة استهل الدكتور ستيفن حديثه لوردة :
وفي العيادة استهل الدكتور ستيفن حديثه لوردة :
مرحبا وردة كيف حالك ؟
وردة : جيدة ولله الحمد.
وردة : جيدة ولله الحمد.
ولكني أحس بآلام وضعف ، لا أدري مما ؟
وبدأ الدكتور يطرح الأسئلة الكثيرة.
. وأخيرا طأطأ رأسه وقال لي: تفضل.. في الغرفة الأخرى..
وفي الحجرة أنزل الدكتور على رأسي صاعقة....
وفي الحجرة أنزل الدكتور على رأسي صاعقة....
تمنيت عندها لو أن الأرض انشقت وبلعتني.
قال الدكتور: منذ متى ووردة تعاني من المرض ؟
قال الدكتور: منذ متى ووردة تعاني من المرض ؟
قلت : منذ سنة تقريباً وكنا نستعمل المهدئات وتتعافى .
. فقال الطبيب: ولكن مرضها لا يتعافى بالمهدئات.
. إنها مصابة بسرطان الدم في مراحله الأخيرة جداً.
. ولم يبق لها من العمر طبياً إلا ستة أشهر والله اعلم.
. وقبل مجيئكم تم عرض التحاليل على أعضاء لجنة مرضى السرطان في المنطقة وقد أقروا جميعاً بذلك من واقع التحاليل.
فلم أتمالك نفسي وانخرطت في البكاء وقلت: مسكينة.
. والله مسكينة ابتي وردة هذه النسمة الرائعة.
. كيف ستموت وترحل عن الدنيا.
. وسمعت زوجتي صوت بكائي فدخلت ولما علمت أغمي عليها.
وهنا دخلت وردة وابني محمود وعندما علم محمود بالخبر
احتضن أخته وقال: مستحيل أن تموت وردة .
وهنا دخلت وردة وابني محمود وعندما علم محمود بالخبر
احتضن أخته وقال: مستحيل أن تموت وردة .
. فقالت وردة ببراءتها المعهودة: أموت.. يعني ماذا أموت ؟
فتلعثم الجميع من هذا السؤال..
فقال الطبيب: يعني سترحلين إلى الله.
فقال الطبيب: يعني سترحلين إلى الله.
. فقالت وردة : حقا سأرحل إلى الله ؟!.
. وهل هو سيئ الرحيل إلى الله ؟
ألم تعلماني يا والدي بأن الله أفضل من الوالدين والناس أجمعين ؟
وهل رحيلي إلى الله يجعلك تبكي يا أبي ويجعل أمي يغمى عليها ؟
. فوقع كلامها البريء الشفاف مثل صاعقة أخرى
فوردة ترى في الموت رحلة شيقة فيها لقاء مع الحبيب.
. فوقع كلامها البريء الشفاف مثل صاعقة أخرى
فوردة ترى في الموت رحلة شيقة فيها لقاء مع الحبيب.
قال الطبيب: عليك الآن أن تبدئي العلاج.
. فقالت وردة: إذا كان لابد لي من الموت فلماذا العلاج
والدواء والمصاريف.؟؟؟
الطبيب: نعم يا وردة . نحن الأصحاء أيضا سنموت !!!
والدواء والمصاريف.؟؟؟
الطبيب: نعم يا وردة . نحن الأصحاء أيضا سنموت !!!
فهل يعني ذلك بأن نمتنع عن الأكل والعلاج والسفر
والنوم وبناء المستقبل ؟
والنوم وبناء المستقبل ؟
فلو فعلنا ذلك لتهدمت الحياة !!!
ولم يبق على وجه الأرض كائنٌ حي.
ولم يبق على وجه الأرض كائنٌ حي.
. تعلمين يا وردة بأن في جسد كل إنسان أجهزة وآلات كثيرة !!
هي كلها أمانات من الله أعطانا إياها لنعتني بها.
. فأنت مثلاً إذا أعطتك صديقتك لعبة هل ستقومين بتكسيرها ؟؟
أم ستعتنين بها ؟؟؟
وردة : بل سأعتني بها وأحافظ عليها..
الطبيب : وكذلك هو الحال لجهازك الهضمي والعصبي والقلب والمعدة والعينين والأذنين ،
كلها أجهزة ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف.
وردة : بل سأعتني بها وأحافظ عليها..
الطبيب : وكذلك هو الحال لجهازك الهضمي والعصبي والقلب والمعدة والعينين والأذنين ،
كلها أجهزة ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف.
. والأدوية والمواد الكيميائية التي سنقوم بإعطائك إياها
إنما لها هدفان.
إنما لها هدفان.
.الأول تخفيف آلام المرض والثاني المحافظة قدر الإمكان على أجهزتك الداخلية من التلف حتى عندما تلتقين بربك وخالقك ...
تقولين له لقد حافظت على الأمانات التي جعلتني مسؤولة عنها.
. هأنذا أعيدها لك إلا ما تلف من غير قصد مني..
وردة : إذا كان الأمر كذلك.
وردة : إذا كان الأمر كذلك.
. فأنا مستعدة لأخذ العلاج حتى لا أقف أمام الله كوقوفي
أمام صديقتي إذا كسرت لعبها وحاجياتها..
أمام صديقتي إذا كسرت لعبها وحاجياتها..
مضت الستة أشهر ثقيلة وحزينة بالنسبة لنا كأسرة
ستفقد ابنتها المدللة والمحبوبة
وعكس ذلك كان بالنسبة لابنتي وردة !!!
ستفقد ابنتها المدللة والمحبوبة
وعكس ذلك كان بالنسبة لابنتي وردة !!!
فكان كل يوم يمر يزيدها إشراقاً وجمالاً وقرباً من الله تعالى.
. قامت بحفظ سور من القرآن.
وسألناها: لماذا تحفظين القرآن؟
وسألناها: لماذا تحفظين القرآن؟
قالت: علمت بأن الله يحب القرآن.
. فأردت أن أقول له يا رب حفظت بعض سور القرآن
لأنك تحب من يحفظه.
وكانت كثيرة الصلاة وقوفاً وأحياناً كثيرة تصلي على سريرها !!
لأنك تحب من يحفظه.
وكانت كثيرة الصلاة وقوفاً وأحياناً كثيرة تصلي على سريرها !!
فسألتها عن ذلك فقالت:
سمعت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
سمعت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
( وجعلت قرة عيني في الصلاة)
فأحببت أن تكون لي الصلاة قرة عين.
واقتربت ايامها وزاد مرضها استفحالاً..
وأشرق بالأنوار وجهها.
فأحببت أن تكون لي الصلاة قرة عين.
واقتربت ايامها وزاد مرضها استفحالاً..
وأشرق بالأنوار وجهها.
. وامتلأت شفتاها بابتسامة واسعة.
وذات يوم ساء حالها جداً وانتكست صحتها بقوة
وذات يوم ساء حالها جداً وانتكست صحتها بقوة
فأخذت تقرأ سورة (يس) التي حفظتها.
وكانت تجد مشقة في قراءتها .
وكانت تجد مشقة في قراءتها .
. إلى أن ختمتها. ثم قرأت سورة الحمد وسورة (قل هو الله أحد)
ثم آية الكرسي..
ثم قالت: الحمد لله العظيم الذي علمني القرآن وأحفظني إياه
وقوى جسدي للصلاة
ثم آية الكرسي..
ثم قالت: الحمد لله العظيم الذي علمني القرآن وأحفظني إياه
وقوى جسدي للصلاة
وساعدني وأنار حياتي بوالدين مؤمنين مسلمين صابرين،
حمداً لله كثيراً .
حمداً لله كثيراً .
. وأشكره بأنه لم يجعلني كافرةً أو عاصيةً أو تاركة للصلاة.
ثم قالت: تنح يا والدي قليلاً، فإن سقف الحجرة قد انشق.
ثم قالت: تنح يا والدي قليلاً، فإن سقف الحجرة قد انشق.
. وأرى أناسا مبتسمين لابسين البياض.
. وهم قادمون نحوي.
ويدعونني لمشاركتهم في التحليق معهم إلى الله تعالى.
وما لبثت أن أغمضت عينيها وهي مبتسمة
ورحلت إلى الله رب العالمين..
اللهم ارحم هذه الطفلة الصالحة
وارحمنا برحمتك وأحسن خاتمتنا...
ويدعونني لمشاركتهم في التحليق معهم إلى الله تعالى.
وما لبثت أن أغمضت عينيها وهي مبتسمة
ورحلت إلى الله رب العالمين..
اللهم ارحم هذه الطفلة الصالحة
وارحمنا برحمتك وأحسن خاتمتنا...
تعليقات
إرسال تعليق