لا مستحيل بعد التوكل على الله والأخذ بالأسباب ...
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تأخذ الدنيا غلابا ...
قصة وعبرة ...
كان هناك ثلاثة من الشباب كانوا يعملون عتالين يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى البيوت على الحمير وعلى اكتافهم وفي ليلة من الليالي وبعد يوم من العمل الشاق تناولوا طعام العشاء وجلسوا يتسامرون ويتجاذبون اطراف الحديث ...
فقال أحدهم واسمه " محمد " افترضا أني اصبحت أميراً على البلاد فماذا تتمنيان ؟
فقالا : يا محمد إن هذا مستحيل وكيف ستصبح اميراً ؟؟؟.
فقال : افترضا جدلاً أني اصبحت اميراً فتمنيا..
فقالا : مستحيل فأنت لا تصلح أكثر من عتال وحمال
فكيف تصبح اميراً يا رجل !!!
قال محمد قلت لكما افترضا جدلاً أني اصبحت الأمير
وهام محمد في أحلام اليقظة .
وتخيل نفسه على عرش البلد حاكماً مطلقاً ...
وقال لأحدهما : ماذا تتمنى أيها الرجل ؟
فقال: أريد حدائق غنّاء .
وماذا بعد ؟ قال الرجل : إسطبلاً من الخيل ،
وماذا بعد ؟ قال الرجل : أريد مائة جارية ...
وماذا بعد أيها الرجل ؟ قال مائة ألف دينار ذهب .
ثم ماذا بعد ؟ فقال الرجل يكفي ذلك يا أمير المؤمنين .
كل ذلك و محمد ابن أبي عامر يسبح في خياله الطموح
ويرى نفسه على العرش اميراً ويسمع نفسه
وهو يعطي العطاءات الكبيرة ويشعر بمشاعر السعادة
وهو يعطي بعد أن كان يأخذ وهو ينفق بعد أن كان يطلب
وهو يأمر بعد أن كان ينفذ !!!!
وبينما هو كذلك التفت إلى صاحبه الآخر وقال:
وماذا تريد أنت أيها الرجل ؟.
فقال : يا محمد إنما أنت عتال وبحياته العتال
ما صار و لا يصير اميراً !!!!!
فقال محمد : يا رجل افترض جدلاً أنني الأمير فماذا تتمنى ؟
فقال الرجل أن تقع السماء على الأرض أيسر
من وصولك إلى الإمارة
فقال محمد دعني من هذا كله ماذا تتمنى أيها الرجل ؟
فقال الرجل : إسمع يا محمد ...
إذا أصبحت الأمير فاجعلني على حمار ووجه وجهي إلى الوراء
وأمر منادي يمشي معي في أزقة المدينة وينادي :
أيها الناس ! أيها الناس ! هذا دجال محتال ..
من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن وانتهى الحوار
ونام الجميع ومع بزوغ الفجر
استيقظ محمد وصلى صلاة الفجر وجلس يفكر ..
هل صحيح ان الذي يعمل عتالاً لن يصل إلى الإمارة أبداً ؟
ولن يصبح اميراً ابدا ؟؟
فكر محمد كثيراً ....
ما هي الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود .
توصل محمد إلى قناعة رائعة جداً وهي تحديد الخطوة الأولى ...
حيث قرر أنه يجب بيع الحمار و فعلاً باع الحمار
وانطلق ابن أبي عامر بكل إصرارٍ وجدٍ يبحث
عن الطريق الموصل إلى الهدف.
وقرر أن يعمل في الشرطة بكل جدٍ ونشاط ...
فتخيلوا أحبتيي ..
الجهد الذي كان يبذله محمد وهوعتال ويتفانى في عمله الجديد .. أعجب به الرؤساء والزملاء والناس ...
وترقى في عمله حتى أصبح رئيساً للشرطة
في الدولة الأموية في الأندلس .
وتشاء الأقدار أن يموت الخليفة الأموي ويتولى الخلافة بعده ابنه هشام المؤيد بالله وعمره في ذلك الوقت عشر سنوات !!!
وهل يمكن لهذا الطفل الصغير من إدارة شئون الدولة ؟؟؟.
وأجمع اهل الحل والعقد في البلد على أن يجعلوا عليه وصياً..
ولكن خافوا أن يجعلوا عليه وصياً من بني أمية فيأخذ الملك منه ...
فقرروا أن يكون مجموعة من الأوصياء من غير بني أمية .
فوقع الخيار على محمد ابن أبي عامر وابن أبي غالب والمصحفي .
وكان محمد ابن أبي عامر مقرب إلى صبح أم الخليفة
واستطاع أن يمتلك ثقتها
ثم ووشى بالمصحفي فأزيل المصحفي من الوصاية .
وزوج محمد ابنه بابنة ابن أبي غالب
فأصبح بعد ذلك هو الوصي الوحيد
واصبح بمقام الأمير المكلف بالبلاد ...
ثم اتخذ مجموعة من القرارات ؛
فقرر أن الخليفة لا يخرج إلا بإذنه
وقرر انتقال شئون الحكم إلى قصره
وجيش الجيوش وفتح الأمصار
واتسعت دولة بني أمية في عهده
وحقق من الانتصارات ما لم يحققه
خلفاء بني أمية في الأندلس ،
حتى اعتبر بعض المؤرخين أن تلك الفترة
فترة انقطاع في الدولة الأموية
وسميت بالدولة العامرية .
هكذا صنع الحمال العتال المنصور محمد ابن أبي عامر
واستطاع بتوكله على الله واستغلاله القدرات الكامنة
التي منحه الله إياها أن يحقق أهدافه .
أحبتي...
القصة لم تنتهي بعد ففي يوم من الأيام
وبعد ثلاثين سنة من بيع الحمار
والحمال المنصور يعتلي عرش الخلافة
وحوله الفقهاء والأمراء والعلماء ..
تذكر صاحبيه العتالين فأرسل أحد الجند وقال له :
اذهب إلى مكان كذا فإذا وجدت رجلين صفتهما كذا وكذا فأتي بهما.
أمرك سيدي ووصل الجندي الى المكان المنشود
فوجد الرجلين بنفس الصفة وفي نفس المكان ...
العمل هو هو .. المقر هو هو .. المهارات هي هي..
بنفس العقلية العتالين والحمالين منذ ثلاثين سنة ..
قال الجندي : إن أمير المؤمنين يطلبكما ..
فبهت الرجلان وقالا : أمير المؤمنين إننا لم نذنب ؟
لم نفعل شيئاً ؟ ما جرمنا ؟
قال الجندي : أمرني أن آتي بكما .
ووصلوا إلى القصر , دخلوا القصر نظرا إلى الأمير..
قالا باستغراب إنه صاحبنا محمد ...
قال الأمير المنصور : اعرفتماني ؟
قالا : نعم يا أمير المؤمنين
ولكن نخشى أنك لم تعرفنا؟؟
قال : بل عرفتكما ثم نظر إلى الحاشية وقال :
كنت أنا وهذين الرجلين سوياً قبل ثلاثين سنة
وكنا نعمل عتالين وفي ليلة من الليالي جلسنا نتسامر
فقلت لهما إذا أصبحت اميراً فماذا تتمنيا ؟
فتمنيا ثم التفت إلى أحدهما وقال : ماذا تمنيت يا فلان ؟
قال الرجل حدائق غنّاء فقال الخليفة لك حديقة كذا وكذا .
وماذا بعد ؟ قال الرجل : اسطبل من الخيل قال الخليفة لك ذلك .
وماذا بعد ؟ قال مائة جارية .
قال الخليفة لك مائة من الجواري ثم ماذا ؟
قال الرجل مائة ألف دينار ذهب قال : هو لك وماذا بعد ؟
قال الرجل كفى يا أمير المؤمنين.
قال الأمير ولك راتب مقطوع - يعني بدون عمل –
وتدخل عليّ بغير حجاب .
ثم التفت إلى الآخر وقال له ماذا تمنيت ؟
قال الرجل اعفني يا أمير المؤمنين
قال : لا و الله حتى تخبرهم .
قال الرجل : الصحبة يا أمير المؤمنين .
قال حتى تخبرهم . فقال الرجل :
قلت إن أصبحت اميراً فاجعلني على حمار واجعل وجهي إلى الوراء
وأمر منادي ينادي في الناس أيها الناس هذا دجال محتال
من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن ..
قال الأمير محمد ابن أبي عامر افعلوا به ما تمنى حتى يعلم
(أن الله على كل شيء قدير )
هل تعلم ما هو الحمار الذي يجب أن نبيعه جميعاً .
هي تلك القناعات التي يحملها الكثير مثل
– لا أستطيع
– لا أصلح
- أنا لا أنفع في شيء ...
وأن تستبدلها بقولنا أنا أستطيع بإذن الله ونتوكل عليه وننطلق..
أخوتي ..
هل يمكن أن تحقق أحلامك وأن تصل إلى أهدافك قل وبكل ثقة
– نعم إن شاء الله وتذكر دائماً ..
(( إن الله على كل شيء قدير ))
وقول الحبيب صلى الله عليه وسلم عن ربه في الحديث القدسي :
" أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء " ..
أخوتي ...
ظن بربك خيرا ظن أن الله سيوفقك ويحقق لك آمالك
فإن كنت تظن بالله حسناً تجد خيراً...
وإن ظننت به غير ذلك ستجد ما ظننت ...
تعليقات
إرسال تعليق