لهم قلوب لا يفقهون بها ...
أمراض القلوب وبعض علاجاتها
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا
أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ
وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: 46]،
روى الإمام أحمد ،عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:كان يكثر في دعائه يقول :
اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ،
قالت : فقلت يا رسول الله أو إن القلوب لتقلب ،
قال : نعم ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا أن قلبه
بين إصبعين من أصابع الله عز وجل فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه ،
فنسأله ربنا أن لا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا ،
ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب ،
قالت فقلت : يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي ،
قال : بلى قولي اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي ،
وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني" . ـ . تفسير ابن كثير .
قال تعالى:
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ
أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37].
وفي الآخرة ....
قال تعالى:
﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾
[الشعراء:88-89]،
وقال الله تعالى:
﴿إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: 84]،
وقال عز وجل:
﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ [ق: 33].
وهنا الآيات كلها تشير إلى القلب أيضاً دون العقل
رغم أن العقل هو مناط التكليف كما يقول العلماء،
ومن غاب عقله رفع عنه التكليف.
يقول سبحانه وتعالى :
﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا
وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179]
قال الله تعالى: ( في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فزادهم الله مرضا) (البقرة:10) .
وقال تعالى :) وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ( (المدثر:31) .
وقال تعالى :) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا( (النور:50) .
قوله تعالى في قلوبهم مرض ابتداء وخبر ،
والمرض عبارة مستعارة للفساد الذي في عقائدهم
وذلك إما أن يكون شكاً ونفاقاً وإما جحداً وتكذيباً
والمعنى قلوبهم مرضى لخلوها عن العصمة
والتوفيق والرعاية والتأييد . تفسير القرطبي .
وفي "الصحيحين" عنه عليه الصلاة والسلام :
" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،
وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى :
قوله صلى الله عليه وسلم :
"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،
وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" ،
قال أهل اللغة : يقال صلح الشيء وفسد ،
بفتح اللام والسين وضمهما والفتح أفصح وأشهر،
والمضغة القطعة من اللحم سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها ،
قالوا المراد تصغير القلب بالنسبة إلى باقي الجسد
مع أن صلاح الجسد وفساده تابعان للقلب .
وفي هذا الحديث التأكيد على السعي في صلاح القلب وحمايته من الفساد ،
واحتج بهذا الحديث على أن العقل في القلب لا في الرأس ،وفيه خلاف مشهور ،
مذهب أصحابنا وجماهير المتكلمين أنه في القلب . شرح النووي.
وقال عليه الصلاة والسلام :
"ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء :
إن شاء أن يقيمه أقامه ،وإن شاء يزيغه أزاغه".
أخرجه أحمد ،وصححه ابن حبان ،والحاكم ووافقه الذهبي .
تعليقات
إرسال تعليق