الصالح إسماعيل وأخيه سلطان مصر الصالح نجم الدين أيوب،
فإستعان سلطان الشام على أخيه بالنصارى،
وتنازل لهم عن صيدا،
وسمح لهم أن يدخلوا الشام ويشتروا الأسلحة،
فوقف في وجهه العالم الرباني العز بن عبد السلام رحمه الله ،،،
وخطب في ذلك خطبة، وأفتى بحرمة بيع السلاح على النصارى،
وأنكر هذا الأمر إنكاراً شديداً ...
فقام السلطان بعزله عن الخطبة في المسجد الجامع الكبير
ومنعه من الفتوى والتدريس ووضعه تحت الإقامة الجبرية في بيته،
وبعد فترة ليست ببعيدة أرسل له السلطان وسيطاً ...
فقال له الوسيط : سنعيدك إلى جميع مناصبك ونعيد لك كل امتيازاتك
على أن تعتذر من السلطان !!!
فجاءه بعض طلاب العلم أو المحسوبين على طلاب العلم من أعوان
السلطان وممن يدورون في فلكه ويتواجدون دوماً في مجلسه ،
وقالوا: إن السلطان مستعد أن يعيدك كما كنت قبل وأفضل !!!
ولكن يطلب إليك فقط أن تعتذر له، وأن تقبل يده !!!
فقال العز: والله يا مساكين ما أرضاه ان يقبل يدي هو
فضلاً عن أن أقبل يده ،
ثم قال: يا قومي أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ،
الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به ،
ثم اعتقله السلطان في خيمة بجواره حتى لا يأتيه الناس-،
وفي يوم من الأيام جاء النصارى لزيارة السلطان ،
فسمعوا صوت قراءة القرآن بجوار خيمة السلطان
فتسائلوا ما هذا يا سلطان ؟؟؟
فقال السلطان لهم: هذا العز بن عبد السلام،
وقد أفتى بعدم جواز بيع السلاح لكم،
وهيج الناس ضدكم فاعتقلته من أجلكم عهدنا معكم ...
فقال له النصارى: لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه بالماء
وشربنا الماء بعدها.
فصدم السلطان من مقولتهم وعلم فداحة وخطأ صنيعه مع العز،
فأطلق العز بن عبد السلام فوراً معززاً ومكرماً
فجعل الله نجاة العز فى هذا الموقف من خلال شهادة أعدائه له ،
وذلك لأنه أخلص القول والعمل الذى يرضى الله ورسوله
ولم يخاف في الله لومة لائم .
قال الله تعالى :
(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور )
الحج(38)
رحم الله العز بن عبدالسلام كان بطلاً و عالماً عاملاً
وفي أحد الأيام كان عز الدين بن عبد السلام قادماً إلى القلعة
فشاهد العز السلطان والعساكر مصطفين بين يديه ومجلس المملكة
ووجد أن الناس يقبلون الأرض بين يدي السلطان،
فقام العز بن عبد السلام ونهر السلطان نهرا شديدا،
وأنكر هذا الفعل من عموم الناس،
وقال له: يا سلطان كيف تسمح أن تباع الخمور في البلاد؟
وتفتح الدور للغانيات و يتعامل بالربي وبدأ يعدد المنكرات،
ومع أن هذا السلطان كان من السلاطين الغاشمين الظالمين،
ولكنه لم يتجرأ على العز بن عبد السلام
رغم أنه تكلم بقسوة وشدة ولكنه كان يقول الحق
وتعجب الناس من شجاعته وجراءته وقوته على الحق
ولكنهم ظنوا أنه لا بد أن يحل به بلاء من السلطان ،
وهنا كانت المفاجأة الكبرى إذ قال له السلطان في النهاية:
يا سيدي ( السلطان يعظم العز بن عبد السلام بقوله يا سيدي):
هذا كله أنا ما عملته هذا عمله أبي قبلي ،
فقال له العز بن عبد السلام : أنت ممن يقول الله فيهم :
(إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ)
الزخرف[14]
فقام السلطان وأصدر أمراً من مقامه هذا وفي موقعه
بإزالة جميع المنكرات التي تحدث عنها العز بن عبد السلام،
فأمر بإغلاق الحانات،
وأمر بعدم الخضوع بين يديه،
وأمر بإزالة جميع المنكرات.
يقول الباجي (احد العلماء وتلاميذ الشيخ العز بن عبد السلام):
سألت شيخي لما جاء من عند السلطان
وقد شاع الخبر وفشى بين الناس يا سيدي كيف كان الحال والمآل ؟
فقال العز : يا بني رأيته في تلك العظمة
فأردت أن أهينه؛ لئلا تتكبر نفسه فتؤذيه
فقال له هذا العالم يا سيدي: أما خفته وخشيت بطشه ؟
قال العز: والله يا بني استحضرت هيبة الله
فصار السلطان أمامي كالقط !!!
رحم الله العز بن عبد السلام...
فما أحوج هذه الأمة في هذه الآيام لرجال كأمثال هؤلاء الصناديد
الذين لا يخافون في الله لومة لائم
ويأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر
و يأخذون بأيدي الأمة وقادتها إلى الصواب وعز الدنيا و الآخرة .
تعليقات
إرسال تعليق