القائمة الرئيسية

الصفحات

الملك العاشق والمراة الواثقة



من روائع القصص...


الملك المغرم والمرأة العفيفة ...
يحكي أن ملكاً طلع يوماً إلى أعلى قصره يتفرج ويراقب ..
فرأى فيما رأى في يومه ذلك إمرأة تجلس على سطح دار 

إلى جانب قصره والمرأة نالت قسطاً من الحسن والجمال مما 
لم ير في قريناتها  من النساء في مملكته وما حولها .
فإلتفت الملك إلى إحدى جواريه فقال لها : لمن هذه الجارية ؟
فقالت : يا مولاي هذه زوجة غلامك وعاملك وردان ..
فنزل الملك عن سطح قصره وقد خامره شيءٌ من الميول للفتاة.
فإستدعى وردان على عجل !!!
وقد اضمر الملك في نفسه حيلة خبيثة ومكر وخديعة  !!!

قال الملك له : يا وردان  ..
قال : لبيك يا مولاي ..
قال : خذ كتابي هذا وامض به إلى بلدة المزارعة في اقصى 
مملكتنا ولا تعود إلا بالجواب المفصل من عاملنا هناك ؟؟
فأخذ وردان الكتاب وتوجه إلى منزله وضع الكتاب تحت رأسه.. وجهز أمره للسفر وبات ليلته مع زوجته ..
فلما أصبح ودع أهله وسار طالباً حاجة الملك 
ولم يعلم بما قد دبره وكاده له الملك ..
وما أن ذهب وردان في طريقه للمهمة وتأكد الملك من ذلك 
قام مسرعاً وتوجه متخفياً إلى دار وردان يضمر شراً بأهله!!!
 فقرع الباب قرعاً خفيفاً ..
فقالت إمرأة وردان : من بالباب ؟
قال : أنا الملك سيد زوجك ..
 ففتحت المرأة الباب له فدخل وجلس عندها..
فقالت له : أرى مولانا اليوم عندنا !!
فقال : زائر ..
فقالت : أعوذ بالله من هذه الزيارة وما أظن فيها خيراً ..
فقال لها : ويحك إنني الملك سيد زوجك وما أظنك عرفتيني ..
فقالت : بل عرفتك يا مولاي ولقد علمت أنك الملك 
ولكن سبقتك الأوائل في قولهم :
سأترك ماءكم من غير ورد *** وذاك لكثرة الوراد فيه
إذا سقط الذباب على طعام *** رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء *** إذا كان الكلاب ولغن فيه
ويرتجع الكريم خميص بطن *** ولا يرضى مساهمة السفيه
فأطرق الملك لكلامها وزاد قلبه غراما وشوقاً لوصلها !!!
فبادرته الجارية وما أحسن  قول الشاعر يا مولاي :
قل للذي شفه الغرام بنا *** وصاحب الغدر غير مصحوب
والله لا قال قائل أبداً *** قد أكل الليث فضلة الذيب
ولكن الملك ما تأثر بكلامها وراودها عن نفسها وطلبها عازماً
فلما رأت المرأة أنها مغلوبة على أمرها تكلمت آخر ما عندها  
وبكل رجاء : أيها الملك تأتي إلى موضع شرب كلبك تشرب منه..
هنا أفاق الملك من سكرته وصحا من جنونه وعادت له نخوته فاستحيا من كلامها وخرج من عندها مسرعاً وتركها ..
 ونسي الملك من عجلته قلنسوته في دار وردان 

دون علمه ولم تدر زوجة وردان بها  ...
وأما وردان بعد انطلاقته وابتعاده عن الديار تفقد كتاب الملك
 الذي يحمله فلم يجده بحث عنه لم يلاقه فعرف أنه نسيه 
تحت وسادته التي ينام عليها فقفل راجعاً لا يلوي على شيء ..
رجع وردان إلى داره فوافق وصوله عقب خروج الملك من داره بفترة وجيزة فرأى قلنسوة الملك في داره ..
فطاش عقله وعلم أن الملك لم يرسله في هذه السفرة 
إلا لأمر يفعله وظن وردان بأهل بيته سوءاً..
فسكت ولم يبد كلاماً وأخذ الكتاب وسار إلى حاجة الملك 
فقضاها ثم عاد إليه فأنعم عليه الملك بمائة دينار ..
 فمضى وردان إلى السوق وإشترى ما يليق بالنساء ..
 وهيأ هدية رائعة وأتى إلى زوجته فسلم عليها وقال لها :
قومي فذهبي إلى زيارة بيت أبيك قالت : وما ذاك ؟
قال : إن الملك قد أنعم علينا وأريد أن تظهري لأهلك ذلك.
قالت المرأة لزوجها : حباً وكرامة.
ثم قامت من ساعتها وتوجهت إلى بيت أبيها 
ففرحوا بها وبما جاءت به معها ..
فأقامت عند أهلها شهراً ..
ولم يذكرها زوجها ولا ألم بها طول هذا الشهر!!!.
فأتى إليه أخوها وقال له :
يا وردان إما أن تخبرنا بسبب غضبك وإما أن نحاكمك إلى الملك ..
فقال : إن شئتم الحكم فافعلوا فما تركت لها عليّ حقاً ..
فطلبوه إلى الحكم فأتى معهم ...
وكان القاضي إذ ذاك عند الملك جالساً إلى جانبه ..
 فقال أخو الصبية : أيد الله مولانا قاضي القضاة ..
إني أجرت هذا الغلام بستاناً سالم الحيطان ببئر ماء معين عامرة وأشجار مثمرة فأكل ثمره وهدم حيطانه وأخرب بئره ..
فإلتفت القاضي إلى وردان وقال له : ما تقول يا غلام ؟
فقال وردان : أيها القاضي قد تسلمت هذا البستان 
وسلمته إليه أحسن مما كان ..
فقال القاضي : هل سلم إليك البستان كما كان؟
قال : نعم ولكن أريد منه السبب لرده ..
قال القاضي : ما قولك وردان ؟
قال : والله يا مولاي ما رددت البستان كراهة فيه 
وإنما جئت يوماً من الأيام فوجدت فيه أثر الأسد !!!
فخفت أن يغتالني فحرمت دخول البستان إكراماً للأسد ..
وكان الملك متكئا !!! فاستوى جالساً وقال :
 يا وردان إرجع إلى بستانك آمناً مطمئناً
 فوالله إن الأسد دخل البستان ولم يؤثر فيه أثراً 
ولا إلتمس منه ورقاً ولا ثمراً ولا شرب ماء ولا ذاق عسلاً 

ولم يلبث فيه غير لحظة يسيرة وخرج من غير بأس .. 
ووالله ما رأيت مثل بستانك ولا أشد إحترازا من حيطانه 
على شجره وثمره وبئره ..
قال : فرجع وردان إلى داره ورد زوجته ، 
ولم يعلم القاضي ولا غيره بشيء من ذلك !!!

تعليقات

التنقل السريع