القائمة الرئيسية

الصفحات



















مدينة ابن الوليد خالد ... حمص ...

حمص يا قلبي النابض ..
تعتبر مدينة حمص ثالث مدينة سورية من حيث عدد السكان

 والأهمية بعد العاصمة دمشق ومدينة حلب عروس الشمال .


تقع حمص في الجزء الغربي من وسط سورية،
وعلى الطريق الدولي بين دمشق وحلب.
تبعد حمص 160 كم عن العاصمة دمشق،
 وهي مركز أكبر المحافظات السورية.
وتُعدُّ حمص بموقعها المتوسط همزة الوصل بين المناطق 
الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية، 
وترتفع عن سطح البحر 508 أمتار.

بلغ عدد سكان محافظة حمص عام 2010 حوالي 
 2.5 مليون نسمةٍ ، وتبلغ مساحتها 42218 كم؛
أي نحو أربعة أضعاف مساحة الجمهورية اللبنانية.
وتُعدُّ حمص سوقًا للبادية السورية، وهي مركز مهمّ للزراعة ،
كزراعة الحبوب والخضار والقطن والشمندر السكري،
كما أنها مركز صناعي يهتمُّ بصناعة المنسوجات،
وهي غنية بالمعامل والمصانع، 

وفيها مصفاة للنفط السورية الرئيسية .

تقع قلعة حمص فوق تلٍّ ارتفاعه 32 مترًا،
 فيها برجان يعودان إلى العهد الأيوبي،
وتعود بقية تحصيناتها إلى العهدين المملوكي والعثماني.
ولعبت القلعة دورًا مرموقًا في التاريخ، خاصَّةً في عهد 

الدولتين الزنكية والأيوبية، وكذلك المماليك. 


وكان لسور حمص سبعة أبواب اندثرت وهي :
باب هود وباب السباع وباب التركمان وباب السوق 

وباب الدريب وباب تدمر وباب المسدود .
وفي حمص مجموعة من الجوامع الأثرية كجامع الدالاتي،
وجامع الخليفة عمر بن عبد العزيز وفيه قبره، 
ومسجد أبي ذر الغفاري.
أما أشهر جوامع حمص على الإطلاق فهي:
 جامع الصحابي خالد بن الوليد
وفيه ضريحه (قبره)،،،،





أما جامع النوري الكبير والذي كان معبدًا وثنيًّا قديماً 
ثم تحوَّل بعد الفتح الإسلامي إلى مسجدٍ رمَّمه وجدّده 
الملك الزنكي محمود نور الدين، فحمل اسمه "النوري".
تتركّز حول هذا الجامع الحمامات الشهيرة،
إضافةً إلى العديد من الأسواق والخانات القديمة.

وفي حمص مجموعة الكنائس القديمة، 
منها كنيسة ما زالت آثارها قائمة في حيِّ آل الزهراوي،

 يعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي،
والكنيسة الأشهر في حمص هي كنيسة السيدة أم الزّنار، 
والتي يعود تاريخ بناء هيكلها إلى القرن الخامس الميلادي.

أمَّا الآثار في المدن التابعة لمحافظة حمص فهي كثيرة جدًّا،
منها مدينة تدمر الصحراوية الشهيرة. 
وفي منطقة "تلكلخ" قلعة الحصن



ودير مار جرجس ونبع الفوار المُقدّس.

 

وفي منطقة القصير تلّ النبي مَند،
وطواحين، وجسور، وقناطر.
وفي منطقة الرستن كهوف أثرية وأقنية رومانية والقبو الأبيض
والمقابر الرومانية القديمة .
وفي منطقة المخرم قصر الشّندفيان.

حمص مدينة مغرقة في القِدَم، فقد سكنها الإنسان الحجري 
منذ 50 ألف عامٍ ق.م.
وتعاقب على سكنها الأموريون والحثيون والفينقيون 

والآراميون واليونان والرومان والعرب والأتراك،

 
 كما وُرِدَ ذكر حمص في التوراة أكثر من مرةٍ.

وقرب حمص وقعت معركة قادش التاريخية الشهيرة 
التي انتصر فيها رمسيس الثاني المصري على الحثيين، 
وعند حمص هزم أورليان الملكة زنوبيا في 272م. 
وأصيبت حمص بزلزالين مُدمّرين في 1127 و1307م. 
وفي عام 80 ق.م ظفرت حمص باستقلالٍ إداريٍّ إذ حُكِمَت من

 
 قِبَل ملوكها المحلييّن من أسرة سمسيغرام (80 ق.م - 79م)،
الذين بلغت حمص في عهدهم أوج الازدهار.

ثم عادت حمص ودخلت تحت الحكم الروماني،
واستقلَّت أسرة "السّميذع" العربية في تدمر،
وحَكَمت سورية أيام أذينة الثاني (245- 226) وزوجته زنوبيا.
ثم حكم حمص الغساسنة العرب برعاية البيزنطيين.



وعرفت حمص في عهد الخلفاء الراشدين شأنًا عظيمًا،
فقد فتحت في عهد الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
اذ تم فـتح المـديـنة ودخولها في الاسلام بقيادة أبو عبيدة بن الجراح 

 وبمساعدة خالد بن الوليد عام 636 م 
حين قرر المسلمون التوجه إلى فتح حمص ، 
بدأ أبو عبيدة عامر بن الجراح في تنظيم جيشه . 
قرر أبو عبيدة أن يرسل مقدمة جيش المسلمين بقيادة خالد 
لفتح حمص ،اتجه الجيش الإسلامي من بعلبك إلى حمص ، 


 وعلى أبواب حمص أخرج لهم الروم قوة كبيرة نسبيًّا ،
تقابل المسلمين جنوب غربي حمص ،
فبدأ خالد يشجع جنده ويحمسهم  قائلاً : 
يا أهل الإسلام الشدة ، الشدة . 
فانطلقت أسياف المسلمين تعمل في رقاب الروم ، 
فهُزِمَ الرومُ هزيمةً نكراء ، وفروا إلى داخل الحصن ، 
فتتبعهم المسلمون .
بعد أن حقق المسلمون هذا النصر على هذه القوة الرومية 

 التي قابلتهم على أبواب حمص فَــرَّ بقـية الروم . 
وتحقق النصر المؤزر لجند خالد ودخلوا حمص فاتحين 



 وبعد هذه الهزيمة النكراء ومن ثم معركة اليرموك الخالدة 
وهزيمة الروم المدوية وخسائرهم العظيم ..يهرب القيصر
فقد وقف هرقل على أبواب سورية قائلاً :
قد كنت سلمت عليك تسليم المسافر مراراً، 
فأما اليوم فعليك السلام يا سورية تسليم المفارق ، 
ولا يعود إليك رومي أبداً إلا خائفاً ، 
ومضى حتى نزل القسطنطينية.


ولمَّا تَمَ فتحُ حمص ولى أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه

 القائد العام لقوات المسلمين في الشام عليها 
الصحابي الجليل عبادة بن الصامت -رضي الله عنه .
وبعد أن سيطر المسلمون على مدينة حمص مباشرة ،
أرسل أبو عبيدة بن الجراح رسالة إلى عمر بن الخطاب 



 يبشره فيها بالنصر

سعيد بن عامر وحمص:
يأتي عمر رضي الله عنه وأرضاه ، خبر من حمص فيقول :
 هؤلاء عالم الغربة، وأهل الغربة والاستقامة،
فيرسل سعيد بن عامرالصحابي الجليل إلى حمص،
 فيبعثه فيقول: اعفني يا أمير المؤمنين، قال:
 أتولونني الخلافة في عنقي، ثم تتركونني؟
 والله لتتولين الإمرة لي ّ!!!
فذهب رضي الله عنه وأرضاه، ولما سافر من المدينة، 
قالت زوجته:عندي مال كثير،
أعطيك إياه تستنفقه لك، أو تضعه في تجارة بيني وبينك، 
فأخد المال فتصدق به في سبيل الله، 
فقالت: أين المال؟! قال: أعطيناه شريكاً، 
يضاعف لنا به أضعافاً على الدرهم الواحد إلى سبعمائة درهم... فصدقت وسكتت.
دخل حمص وأخذ هذا الغريب يَعْدِل في الناس ويصلي بهم،
حتى مرَّ عمر رضي الله عنه وأرضاه على أمرائه وولاته في الأقاليم،
فأخذ سعيد بن عامر وسأل أهل حمص عنه: 



 كيف سعيد بن عامر ؟
أي: كيف مسيرته فيكم؟
كيف عدله؟
كيف زهده وورعه؟
فكلهم أثنوا خيراً، لكن أخذوا عليه أربعاً من الخصال !!!
 
قال عمر رضي الله عنه وأرضاه : 
اللهم إني ما علمت فيه إلا خيراً،
اللهم لا تخيب ظني فيه،
قالوا: أما الأولى: فيُصرع بين أيدينا،
وأما الثانية: فلا يخرج لنا يوماً من أيامه من الأسبوع ،
 فلا نراه ولا يرانا،
وأما الثالثة: فإنه لا يخرج حتى يرتفع النهار،
وأما الرابعة: فإنه لا يخرج في الليل، مهما طرقنا عليه بابه .
قال عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقد نكس رأسه، 

ودموعه تهراق على خديه :
اللهم لا تخيب ظني في سعيد ابن عامر، قم يا سعيد ، 
فقام يتكلم،
فقال: يا أمير المؤمنين، والله لوددت أن أكتم هذا الأمر، 
فأما والحالة هذه فسأتكلم،
فأمَّا قولهم: أني أصرع، 
فقد حضرتُ مشهداً ما وددت أني حضرته:
رأيت خبيب بن عدى وهو يُقتل في مكة ، وأنا مع المشركين آنذاك،
فسمعته يقول للكفار: اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، 
ولا تغادر منهم أحداً،
فكلما تذكرت ذاك المشهد صرعت، ووددت أنني نصرته،
وأما اليوم الذي لا أخرج فيه للناس: فأنا رجل ليس لي خادم،

 وزوجتي مريضة، أغسل ثيابي، وأنتظر جفافها،
-سبحان الله! أيُّ حياةٍ هذه الحياة، حياة الغرباء؟-
وأما الليل لا أخرج إليهم: فقد جعلت النهار لهم، 

والليل لربي تبارك وتعالى:
قلت لليل هل بجوفك سر عامر بالحديث والأسرار
لَمْ ألْقَ في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحارِ
وأما قولهم: لا أخرج حتى يرتفع النهار، 
فزوجتي مريضة، فأنا أصنع إفطاري بنفسي،
فإذا أفطرتُ خرجتُ إليهم، فرفع عمر يديه إلى السماء يبكي،
ويقول: الحمد لله الذي لم يخيب ظني في سعيد ابن عامر

وبقي لحمص مركزها المرموق طيلة عهد الأمويين 
ومطلع عهد العباسيين ، ثم انحطّت مكانتها السياسية؛ 
لأنها كانت بين آونةٍ وأخرى تعلن العصيان
وتشعل الثورات ضد العباسيين وولاتهم.

ولما جاء الصليبيون، عجزوا عن الاستيلاء على حمص طويلاً
لدفاع أهلها عنها.
ولما استولى القائد التتري تيمورلنك على بلاد الشام مرَّ بمدينة

 حمص فلم يدمِّرها أو يستبيحها كما فعل ببقية المدن السورية،
بل وهبها لجثمان الصحابي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- الثاوي فيها قائلاً:
"يا خالد، إن حمص هديتي إليك أقدِّمها من بطلٍ إلى بطلٍ" 
هكذا ذكرت رويات كثيرة.

إن التاريخ يشهد على صمود هذه مدينة حمص أمام الكثير من الطغاة الذين وجدوها عصيَّة عليهم في زمن الفراعنة واليونان والرومان والبيزنطيين والفرس، وغيرهم من أمثال الفرعون رمسيس الثاني والإسكندر المقدوني وكسرى فارس 
وحتى هولاكو المغولي، فهؤلاء كانت حمص عصيَّة عليهم، 
بل أذاقتهم الهزيمة المُرَّة.

وليست حمص لُعبة، وهي التي أذاقت الانتداب الفرنسي بدءًا من 1920م طعم التمرد الحمصي أيضًا، فسقط من أهلها العشرات قتلى في ثوراتها المتتالية على المستعمرين، وبقيت عصيَّة على كل غاصب غادر.




تعليقات

التنقل السريع