حكم السحر والأبراج و التنجيم ...
السحر والساحرون ...
و الآن نأتي إلى معنى السحر، السحر كفر، و سحره في اللغة: خدعه،
أي أضله بتمويه أو تخييل،
قال تعالى:﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) [طه:66]
الإنسان الذي يتعامل مع السحرة إنسان أفاك أثيم كاذب،
قال تعالى: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ* تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ *
يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [ سورة الشعراء: 221-223 ]
السحر أحد أكبر الكبائر وهو نوع من الشرك،،
أخرج الإمام البخاري و مسلم في صحيحهما
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ،
وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ،
وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ)
[متفق عليه عن أبي هريرة]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ)
[ الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ ]
و النبي ﷺ يقول:
(ليس منا من تطيّر أو تطيّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو تسحر أو سُحر له)
[المنذري ورواه الطبراني باسناد حسن عن ابن عباس مرفوعاً ]
فمن حزبه أمر فليبادر إلى الصلاة، كما كان الرسولﷺ يفعل،
لا كما يفعل الجهلة و ضعفاء الإيمان بالذهاب إلى السحرة و العرافين،
و أمرنا الله عز وجل بأن نسلم أمرنا إليه و أن نتوكل عليه وحده،
و ألا نخشى سواه؛ قال تعالى:
( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ
وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [هود:122]
و قال سبحانه و تعالى:
﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِه
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر:2]
المنجمون صنف من السحرة والكهان وهم أكذب خلق الله على وجه الأرض،
بعضهم اسمه منجم، يقوم بعبادة الكواكب السيارة، الشمس، والقمر، وزحل،
والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد، يلبسون لباساً خاصاً لكل كوكب،
يصومون أياماً معينة، يحلقون رؤوسهم، يشعلون البخور، يخاطبون القمر،
ويزعمون أنهم بذلك يستنزلون روحانيات الكواكب،
اخترعوا شيئاً أنهم كانوا فيما مضى يسمون المولود بحسب الشهر الذي ولد فيه،
ويدعون أن لولادة هذا المولود في هذا الشهر دلالة خاصة في كشف أحواله،
وشؤونه، وحظوظه، ومستقبله، والآن قضية برجك هذا الأسبوع،
ومحطات فضائية أيها الأخوة الكرام لها برامج ثابتة،
محطات فضائية طبعاً لا يعنيها إلا الكذب، مجلات، كتب، ويأتون بتفاصيل مضحكة، يأتي سؤال من مستمع: أنا ولدت في شهر تشرين، زواجك متأخر الآن، لا يوجد زواج مبكر، كله متأخر، لأنه لا يملك البيت، هناك إنسان سوف يحتال عليك، نصف الناس يحتالون على بعضهم، ترى كلاماً موجوداً في المجتمع، يأتي الإنسان الجاهل من ضيق أفقه فيقول: واللهِ هذا صحيح، قالوا: إن إنساناً سوف يحتال عليّ، واحتال عليّ فلان، لذلك قالوا: كذب المنجمون ولو صدقوا.
ثم بعد ذلك اخترعوا تقسيمات لأشهر :السنة على شكل أبراج الله عز وجل !!!
قال تعالى :﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾ [ سورة البروج: 1]
وأبراج السماء برج العقرب مثلاً، أبراج معروفة، فكل برج عملوا له دراسة،
فكلما التجأ إنسان إلى هؤلاء يبحثون عن برج، ويعطونه تعليمات كلها عامة،
تصدق على معظم الناس، والإنسان الجاهل ضيق الأفق يتوهم أنه حصل على شيء.
هل تصدقون أيها الأخوة الكرام أن في العالم الغربي رؤساء وزارات يلجؤون إلى منجمين، والإنسان حينما يعصي الله يمتلئ قلبه خوفاً، هذا الخوف كيف يخفف منه؟
عن طريق المنجمين، يقول لك: عالم فلكي، فلكي يتنبأ بالمستقبل، بالغيب.
و كما ذكرت سابقاً: أن عدم معرفة رسول الله ﷺالغيب
من باب أولى ألا يعلمه المنجمون.
الكلام الفيصل بهذا الموضوع أن النبيﷺ لحكمة أرادها الله يوم توفي ابنه إبراهيم كسفت الشمس، فالصحابة الكرام-رضي الله عنهم-
من شدة تعلقهم برسول اللهﷺ وتعظيمهم له،
توهموا أن كسوف الشمس كان بسبب موت ابنه إبراهيم.
فالنبي ﷺ جمع أصحابه وصلى صلاة الكسوف ،
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ:
(خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِﷺ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ،
فَقَامَ، وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِﷺ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ،
فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ،
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ،
فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ) [متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها]
الكون والمجرات والكواكب من أجل معرفة الله و التقرب إليه،
لا كما يدعي المنجوم أنها تقودهم للتنبأ و معرفة علم الغيب و المستقبل،
قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
أيها الأخوة الكرام، السحر، وكل ما يمتّ إليه محرم بالكتاب والسنة والإجماع،
فقد ثبت في الصحيح عن عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ-رضي الله عنها-::
(سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِﷺعَنْ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِﷺ:
لَيْسُوا بِشَيْءٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ،
فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ)
[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ]
كلمة حق يأتي معها ألف كلمة كاذبة،
سيدنا علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- أراد أن يسافر ليخوض حرباً مع الخوارج، عرض له منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسافر، فإن القمر في برج العقرب،
فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزمك أصحابك، فقال علي رضي الله عنه:
بل سأسافر ثقةً بالله، وتوكلاً على الله، وتكذيباً لك، فسافر، فبورك له في هذا السفر، وانتصر في معاركه تلك.
العرب كانوا إن طار الطائر عن أيمانهم كانوا يتفاءلون،
وإن طار عن شمائلهم يتشاءمون،
الله عز وجل ردّ عليهم فقال:
﴿ إنما طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أءن ذكرتم بل انتم قوم مسرفون ) (سورة يس:19)
أيها الأخوة الكرام، تصديق المنجمين والسحرة والكهان والعرافين كفر بالله عز وجل، لذلك عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّﷺ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَال:
(مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
[ مسلم، أحمد عَنْ صَفِيَّةَ ]
إن السحرة كذبة بنص الكتاب والسنة، وبإجماع أهل العلم،
وبتجربة كثير من العقلاء الذين خبروهم، وكشفوا نفاقهم ودجلهم،
وإنما اتخذوها صنعةً لما فيها من المصالح المادية التي لا تخفى،
ولما يحصل لهم بذلك من استباحة الأعراض، والوقوع في الفواحش،
وغير ذلك من الكبائر، بحجة مداواة الناس المصابين بالصرع، والجنون، أو السحر.
ما من إنسان يصاب بمسٍّ من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه،
ففي الحديث القدسي الصحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّﷺ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
(يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا).....
هذا الحديث الطويل ينتهي بالفقرة التالية:
.....(فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)
[ مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ ]
يأتيك إنسان يقول لك: ابني أصابه مس من الجن، ويثني على ابنه ثناء غير معقول،
وكأن الله سبحانه و تعالى ضيق عليه بلا سبب، يحرجك، و يحيرك،
لكن الحقيقة التي ينبغي أن تكون معلومة لديكم هي أنه ما من إنسان يصاب بمس من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه، لكن الأب يميل دائماً إلى حسن الظن بابنه كي يرتاح.
الإنسان الموصول بالله تعالى لا تستطيع شياطين الأرض أن تمسه بسوء،
قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [الحجر:42]
و قال تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ .. البقرة: 102..
و قال تعالى﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾
[ النساء: 147]
على الإنسان ألا يتهم الله أنه ساق له مصيبة لا يستحقها، لا يقل: القدر قلب لي ظهر المجن، لا يقل: لا حظ لي في الدنيا، لا يقل: الله عز وجل يطعم الحلاوة لمن ليس له أضراس، هذا كلام كفر:قال تعالى :
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
[ الشورى: 30]
﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾
[ آل عمران: 165]
وعنهﷺ قال :(ما من عثرةً، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عودٍ،
إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله أكثر)[ أخرجه ابن عساكر عن البراء ]
أنا أريد أن تكون هذه الحقيقة واضحة عندكم، إنسان مسه الشيطان ادع الله له،
و عاونه، و لكن لا تتهم الله أنه ساق مصيبة لإنسان لا يستحقها.
الله عز وجل عادل لا يظلم أحداً، الآن بينك و بين نفسك أعلم الناس بك أنت،
هل تثبت أن الله ظلمك؟ أبداً:قال تعالى :
﴿ بل الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
[القيامة: 14-15 ]
أيها الأخوة الكرام، العلاج بالوحي لمن مسه الجن هو أجدى أنواع العلاج،
أي شخص سألك ماذا أفعل؟
علاج مس الجن بالوحي (بالقرآن الكريم) و قد وصف النبيﷺ
سورة البقرة بأنها سورة لا تستطيع البطلة - أي السحرة تحملها،
و في أخذها شفاء و بركة.
و أخرج الإمام أحمد و أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال:
(عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِﷺ يَقُولُ:
اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ
الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ
أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ
فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ
قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ)[مسلم و أحمد عن أبي أمامة]
أما الآيات الكريمة التي يستعان بها لمن أصابه مس من الجن أو سحر الساحر:
آية الكرسي، الفاتحة و المعوذات، و خواتيم سورة البقرة،
و من الألة على ذلك، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ:
(كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِﷺفَلَمْ أُجِبْهُ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ:
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ،
ثُمَّ قَالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ،
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ،
قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ،
قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ)
[ البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى ]
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
(بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّﷺسَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ،
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ،
فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ،
فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ،
وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ)
[ مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ]
السحر والساحرون ...
و الآن نأتي إلى معنى السحر، السحر كفر، و سحره في اللغة: خدعه،
أي أضله بتمويه أو تخييل،
قال تعالى:﴿ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) [طه:66]
الإنسان الذي يتعامل مع السحرة إنسان أفاك أثيم كاذب،
قال تعالى: ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ* تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ *
يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ [ سورة الشعراء: 221-223 ]
السحر أحد أكبر الكبائر وهو نوع من الشرك،،
أخرج الإمام البخاري و مسلم في صحيحهما
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ،
وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ،
وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ)
[متفق عليه عن أبي هريرة]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:
(مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ)
[ الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ ]
و النبي ﷺ يقول:
(ليس منا من تطيّر أو تطيّر له أو تكهن أو تُكُهِّن له أو تسحر أو سُحر له)
[المنذري ورواه الطبراني باسناد حسن عن ابن عباس مرفوعاً ]
فمن حزبه أمر فليبادر إلى الصلاة، كما كان الرسولﷺ يفعل،
لا كما يفعل الجهلة و ضعفاء الإيمان بالذهاب إلى السحرة و العرافين،
و أمرنا الله عز وجل بأن نسلم أمرنا إليه و أن نتوكل عليه وحده،
و ألا نخشى سواه؛ قال تعالى:
( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ
وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [هود:122]
و قال سبحانه و تعالى:
﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِه
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [فاطر:2]
المنجمون صنف من السحرة والكهان وهم أكذب خلق الله على وجه الأرض،
بعضهم اسمه منجم، يقوم بعبادة الكواكب السيارة، الشمس، والقمر، وزحل،
والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد، يلبسون لباساً خاصاً لكل كوكب،
يصومون أياماً معينة، يحلقون رؤوسهم، يشعلون البخور، يخاطبون القمر،
ويزعمون أنهم بذلك يستنزلون روحانيات الكواكب،
اخترعوا شيئاً أنهم كانوا فيما مضى يسمون المولود بحسب الشهر الذي ولد فيه،
ويدعون أن لولادة هذا المولود في هذا الشهر دلالة خاصة في كشف أحواله،
وشؤونه، وحظوظه، ومستقبله، والآن قضية برجك هذا الأسبوع،
ومحطات فضائية أيها الأخوة الكرام لها برامج ثابتة،
محطات فضائية طبعاً لا يعنيها إلا الكذب، مجلات، كتب، ويأتون بتفاصيل مضحكة، يأتي سؤال من مستمع: أنا ولدت في شهر تشرين، زواجك متأخر الآن، لا يوجد زواج مبكر، كله متأخر، لأنه لا يملك البيت، هناك إنسان سوف يحتال عليك، نصف الناس يحتالون على بعضهم، ترى كلاماً موجوداً في المجتمع، يأتي الإنسان الجاهل من ضيق أفقه فيقول: واللهِ هذا صحيح، قالوا: إن إنساناً سوف يحتال عليّ، واحتال عليّ فلان، لذلك قالوا: كذب المنجمون ولو صدقوا.
ثم بعد ذلك اخترعوا تقسيمات لأشهر :السنة على شكل أبراج الله عز وجل !!!
قال تعالى :﴿ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴾ [ سورة البروج: 1]
وأبراج السماء برج العقرب مثلاً، أبراج معروفة، فكل برج عملوا له دراسة،
فكلما التجأ إنسان إلى هؤلاء يبحثون عن برج، ويعطونه تعليمات كلها عامة،
تصدق على معظم الناس، والإنسان الجاهل ضيق الأفق يتوهم أنه حصل على شيء.
هل تصدقون أيها الأخوة الكرام أن في العالم الغربي رؤساء وزارات يلجؤون إلى منجمين، والإنسان حينما يعصي الله يمتلئ قلبه خوفاً، هذا الخوف كيف يخفف منه؟
عن طريق المنجمين، يقول لك: عالم فلكي، فلكي يتنبأ بالمستقبل، بالغيب.
و كما ذكرت سابقاً: أن عدم معرفة رسول الله ﷺالغيب
من باب أولى ألا يعلمه المنجمون.
الكلام الفيصل بهذا الموضوع أن النبيﷺ لحكمة أرادها الله يوم توفي ابنه إبراهيم كسفت الشمس، فالصحابة الكرام-رضي الله عنهم-
من شدة تعلقهم برسول اللهﷺ وتعظيمهم له،
توهموا أن كسوف الشمس كان بسبب موت ابنه إبراهيم.
فالنبي ﷺ جمع أصحابه وصلى صلاة الكسوف ،
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ:
(خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِﷺ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِﷺ إِلَى الْمَسْجِدِ،
فَقَامَ، وَكَبَّرَ، وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِﷺ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ،
فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ،
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ،
فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ) [متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها]
الكون والمجرات والكواكب من أجل معرفة الله و التقرب إليه،
لا كما يدعي المنجوم أنها تقودهم للتنبأ و معرفة علم الغيب و المستقبل،
قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾
أيها الأخوة الكرام، السحر، وكل ما يمتّ إليه محرم بالكتاب والسنة والإجماع،
فقد ثبت في الصحيح عن عُرْوَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ-رضي الله عنها-::
(سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِﷺعَنْ الْكُهَّانِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِﷺ:
لَيْسُوا بِشَيْءٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقًّا،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِﷺ: تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ،
فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ)
[ متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ]
كلمة حق يأتي معها ألف كلمة كاذبة،
سيدنا علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- أراد أن يسافر ليخوض حرباً مع الخوارج، عرض له منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسافر، فإن القمر في برج العقرب،
فإنك إن سافرت والقمر في العقرب هزمك أصحابك، فقال علي رضي الله عنه:
بل سأسافر ثقةً بالله، وتوكلاً على الله، وتكذيباً لك، فسافر، فبورك له في هذا السفر، وانتصر في معاركه تلك.
العرب كانوا إن طار الطائر عن أيمانهم كانوا يتفاءلون،
وإن طار عن شمائلهم يتشاءمون،
الله عز وجل ردّ عليهم فقال:
﴿ إنما طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أءن ذكرتم بل انتم قوم مسرفون ) (سورة يس:19)
أيها الأخوة الكرام، تصديق المنجمين والسحرة والكهان والعرافين كفر بالله عز وجل، لذلك عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّﷺ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَال:
(مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)
[ مسلم، أحمد عَنْ صَفِيَّةَ ]
إن السحرة كذبة بنص الكتاب والسنة، وبإجماع أهل العلم،
وبتجربة كثير من العقلاء الذين خبروهم، وكشفوا نفاقهم ودجلهم،
وإنما اتخذوها صنعةً لما فيها من المصالح المادية التي لا تخفى،
ولما يحصل لهم بذلك من استباحة الأعراض، والوقوع في الفواحش،
وغير ذلك من الكبائر، بحجة مداواة الناس المصابين بالصرع، والجنون، أو السحر.
ما من إنسان يصاب بمسٍّ من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه،
ففي الحديث القدسي الصحيح عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّﷺ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:
(يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا).....
هذا الحديث الطويل ينتهي بالفقرة التالية:
.....(فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ)
[ مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ ]
يأتيك إنسان يقول لك: ابني أصابه مس من الجن، ويثني على ابنه ثناء غير معقول،
وكأن الله سبحانه و تعالى ضيق عليه بلا سبب، يحرجك، و يحيرك،
لكن الحقيقة التي ينبغي أن تكون معلومة لديكم هي أنه ما من إنسان يصاب بمس من الشيطان إلا بذنب كبير اقترفه، لكن الأب يميل دائماً إلى حسن الظن بابنه كي يرتاح.
الإنسان الموصول بالله تعالى لا تستطيع شياطين الأرض أن تمسه بسوء،
قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ [الحجر:42]
و قال تعالى: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ .. البقرة: 102..
و قال تعالى﴿ مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴾
[ النساء: 147]
على الإنسان ألا يتهم الله أنه ساق له مصيبة لا يستحقها، لا يقل: القدر قلب لي ظهر المجن، لا يقل: لا حظ لي في الدنيا، لا يقل: الله عز وجل يطعم الحلاوة لمن ليس له أضراس، هذا كلام كفر:قال تعالى :
﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
[ الشورى: 30]
﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾
[ آل عمران: 165]
وعنهﷺ قال :(ما من عثرةً، ولا اختلاج عرق، ولا خدش عودٍ،
إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله أكثر)[ أخرجه ابن عساكر عن البراء ]
أنا أريد أن تكون هذه الحقيقة واضحة عندكم، إنسان مسه الشيطان ادع الله له،
و عاونه، و لكن لا تتهم الله أنه ساق مصيبة لإنسان لا يستحقها.
الله عز وجل عادل لا يظلم أحداً، الآن بينك و بين نفسك أعلم الناس بك أنت،
هل تثبت أن الله ظلمك؟ أبداً:قال تعالى :
﴿ بل الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ﴾
[القيامة: 14-15 ]
أيها الأخوة الكرام، العلاج بالوحي لمن مسه الجن هو أجدى أنواع العلاج،
أي شخص سألك ماذا أفعل؟
علاج مس الجن بالوحي (بالقرآن الكريم) و قد وصف النبيﷺ
سورة البقرة بأنها سورة لا تستطيع البطلة - أي السحرة تحملها،
و في أخذها شفاء و بركة.
و أخرج الإمام أحمد و أخرج الإمام أحمد عن أبي أمامة قال:
(عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِﷺ يَقُولُ:
اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ
الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ
أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ
فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ
قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ)[مسلم و أحمد عن أبي أمامة]
أما الآيات الكريمة التي يستعان بها لمن أصابه مس من الجن أو سحر الساحر:
آية الكرسي، الفاتحة و المعوذات، و خواتيم سورة البقرة،
و من الألة على ذلك، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ:
(كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِﷺفَلَمْ أُجِبْهُ،
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ:
اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ،
ثُمَّ قَالَ لِي: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ،
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ ،
قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ،
قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ)
[ البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى ]
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
(بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّﷺسَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ،
فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ،
فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ،
فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ، فَاتِحَةُ الْكِتَابِ،
وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ)
[ مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ]
تعليقات
إرسال تعليق