الرابع : وَ رَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللّهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ :
(اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ):
الضمير يعود إلى الحب في الله ،
و المقصود أنهما داما على الحب في الله و لم يقطعاه أبداً سواء
اجتمعت أجسادهم او لم تجتمع في الدنيا حتى فرق بينهما الموت .
المقصود أن يكون الحب في الله حقيقياً يحركه القلب ،
فلا يكفي أن يكون ظاهرياً فقط أو باللفظ فقط ،و أن يكون
الحب في الله لا في مال أو جاه أو نسب أو قرابة و نحو ذلك .
الحب في الله لا في مال أو جاه أو نسب أو قرابة و نحو ذلك .
الخامس : وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَ جَمَالٍ،
فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللّهَ :
فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللّهَ :
(دَعَتْهُ) : أي طلبته لفعل الفاحشة و الزنا بها ،
و هذه أول الدواعي في هذه الخصلة ، فالطلب جاء منها ،
و ثاني الدواعي أنها ذات منصب أي أصل و شرف و مال ،
و ثالثها أنها ذات جمال ، و لا يمتنع
عن ذلك مع وجود هذه الدواعي إلا قلباً عظم فيه الخوف من الله .
خُصَّ المنصب والجمال لشدة رغبة الناس فيهما
وحرصهم عليهما و صعوبة حصولهما .
- قال القرطبي رحمه الله : امتناعه دليل على عظيم معرفته
بالله تعالى ، وشدة خوفه من عقابه ، ومتين تقواه ،
و حيائه من الله تعالى ، و هذا هو المقام اليوسفي"
- ( إِنِّي أَخَافُ اللّهَ ) الخوف من الله: هو الرهبة من عذابه ،
فالذي منعه من فعل الفاحشة هو الخوف من الله لا سبب آخر ،
و قال (إِنِّي أَخَافُ اللّهَ) يحتمل أنه قالها بقلبه ليزجر نفسه ،
ويحتمل أنه قالها بلسانه ليزجرها- أي المرأة الطالبة –
ليزجرها عن الفاحشة بتذكيرها بالله تعالى أو ليعتذر إليها ،
و قوله ذلك فيه دلالة على شدة خوفه من الله تعالى
السادس : وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا
حَتَّىٰ لاَ تَعْلَمُ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ :
حَتَّىٰ لاَ تَعْلَمُ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ :
المقصود من ذلك هو المبالغة في الإخفاء والاستتار بالصدقة
عند بذلها بحيث لا تعلم الشمال بما تصدقت اليمين مع قربها
عند بذلها بحيث لا تعلم الشمال بما تصدقت اليمين مع قربها
وملازمتها له ، فضرب المثال هنا لبيان المبالغة في الإخفاء
وطلب الإخلاص ، وليس المراد ظاهر المثال بأن يخفي شماله
عند بذل يمينه للصدقة و الله تعالى أعلم .
عند بذل يمينه للصدقة و الله تعالى أعلم .
قوله (تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ) صدقة نكرة والتنكير يفيد العموم
فيشمل كل ما يتصدق به من قليل أو كثير ،
وظاهر الحديث أن الصدقة الأفضل
فيها الإخفاء سواء كانت صدقة واجبة كالزكاة أو صدقة تطوع لأن
اللفظ عام يشمل ذلك ، ونقل النووي أن أكثر العلماء على أن
الصدقة الواجبة الإعلان بها أفضل , وليس في المسألة نصٌّ يفصل
ذلك , ولذلك جرى الخلاف في هذه المسألة ، و الأظهر و الله أعلم
أن الأفضل في الصدقة واجبة أو مستحبة الإخفاء إلا إذا وجدت
مصلحة للإعلان فالإعلان أفضل ويدل على ذلك النص والنظر.
فمن النص : قوله تعالى :
(إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَ تُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء
فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )
البقرة 271
فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ )
البقرة 271
واختلف أهل العلم في المراد بالصدقة في الآية فقيل :
صدقة الفرض وقيل : صدقة التطوع.
السابع : وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اللّهَ خَالِياً، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ :
(فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ):أي فاضت وسالت دموع عينيه ،
لأن العين لا تفيض والذي يفيض هو الدمع ،
وأسند الفيض للعين مبالغة كأنها هي
التي فاضت و هذا يسمى مجاز مرسل .
(ذَكَرَ اللّهَ خَالِياً) : إما بالتذكر بالقلب و الفكر ، و إما بالذكر باللسان
و (خالياً ) أي في موضع خال ليس فيه أحد من الناس ليكون أبعد
عن الرياء و اقرب إلى الإخلاص ، و خالياً من الالتفاف لغير الله
تعالى .قال القرطبي رحمه الله : "فيض العين : بكاؤها ،
و هو على حسب حال الذكر ،
تعالى .قال القرطبي رحمه الله : "فيض العين : بكاؤها ،
و هو على حسب حال الذكر ،
وبحسب ما ينكشف له من أوصافه تعالى ، فإن انكشف له غضبه
فبكاؤه عن خوف ، وإن انكشف له جماله وجلاله فبكاؤه عن محبة
وشوق ،وهكذا يتلون الذاكر بحسب ما يذكر من الأسماء والصفات"
قال أهل العلم : " فذكر الرسول محمد صلى الله عليه و سلم
هؤلاء السبعة،إذ كل واحد منهم كمل في العبادة التي يقوم بها ،
هؤلاء السبعة،إذ كل واحد منهم كمل في العبادة التي يقوم بها ،